كما أنه يظهر من
إطلاقهم ومعقد إجماعهم ما صرح به شيخنا في شرحه والفاضل في الرياض من عدم الفرق
فيما سمعته بين علمهما بالفساد وجهلهما وعلم أحدهما ، ضرورة اشتراك الجميع فيما
ذكرناه ، لأن العلم بالفساد لا ينافي اختصاص ما صدر منهم من الاذن ، كما أنه لا
ينافيه إيقاعهم التقابض ونحوه ، على أنه من مقتضيات العقد الفاسد المعامل معاملة
الصحيح ، ولو للإبداع والتشريع ، وكذا لا ينافيه الجهل بالفساد إذ أقصاه في بعض
الأحوال عدم الإثم ، وهو يجامع الضمان كما في إتلاف الساهي والنائم وغيرهما ، لا
الاذن من المالك بذلك ، فالتوقف حينئذ في ضمان الجاهل مطلقا أو للعالم من بعض
متأخري المتأخرين لشبهة كونه المسلط له على المال التي يأتي مثلها في العالمين ،
وشبهة رجوع المغرور على من غره التي ينفيها فرض عدم وقوع غير نفس المعاملة منه ،
والجهل بالحكم الشرعي لتقصير منه لا لغرور العالم له به كما هو واضح في غير محله ،
ضرورة فرض عدم التسليط على كل حال ، وإنما هو على وجه مخصوص لم يحصل ، من غير فرق
بين علمه وعدمه ، إذ لا منافاة في تعليق الاذن على ما يعلم المعلق انتفائه ، فظهر
حينئذ أن القاعدة المزبورة لا ريب فيها على إطلاقها ، كما اعترف بذلك في الرياض
وغيره.
نعم قد يتوقف فيما
صرحوا به من مفهومها على وجه القاعدة أيضا ، وهو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
، كالمال في الهبة والعارية ونحوهما ، إذ لا وجه له سوى أنهما قد أقدما على
المجانية ، فلا ضمان لكنه كما ترى ، خصوصا بعد علم القابض بالفساد ، وجهل الدافع
والاقدام المزبور إنما هو على فرض صحة العقد فلا إذن حينئذ إلا المقيدة به ، التي
فرض ارتفاعها بارتفاعه ، نحو ما سمعته في القاعدة