بعد أن اختار
افادتها للملك ، قال : وهل هي داخلة في اسم المعاملة التي جائت في مقامها ، فتجري
فيها شرائطها وأحكامها ، الظاهر من جماعة من الأصحاب اختيار ذلك ، فتجري فيها
أحكام الشفعة والخيار والصرف والسلم وبيع الحيوان ، والثمار وجميع شرائطه سوى
الصيغة ولم يقم على ذلك شاهد معتبر من كتاب أو سنة أو إجماع ، والأقوى أنها قسم
آخر بمنزلة الصلح والعقود الجائزة ، ويلزم فيها ما يلزم فيها فتصح المعاطاة على
المشاهد من مكيل أو موزون من غير اعتبار مكيال وميزان ، وبنحو ذلك جرت عادة
المسلمين ، نعم لو أرادوا المداقة بنوا على إيقاع الصيغة والمحافظة على الشروط ،
فالظاهر أنه متى جاء بالفعل مستقلا أو مع ألفاظ لا تستجمع الشرائط مقصودا بهما
المسامحة ، جاء حكم المعاطاة ، وعلى الأول فإن صرح فيها بإلحاق بيع أو غيره بنى
عليه وإلا فالبيع أصل في المعاوضة على الأعيان ، مقدم على الصلح والهبة المعوضة ،
والإجارة في نقل المنافع مقدمة على الصلح والجعالة ، ثم اللزوم ليس من المقتضيات
الأصلية ، وإنما هو من التوابع واللواحق الشرعية فقصده غير مخل وإن لم يصادف محله.
وفيه نظر من وجوه
لا يخفى عليك جملة منها بعد الإحاطة بما ذكرناه ، خصوصا فيما ذكر أنه الأقوى ضرورة
أنه إن كان المراد ذلك في مطلق المعاطاة حتى التي قصد المتعاطيان فيها البيعية
مثلا ، ففيه أنه إن لم يلحقها بالبيع مثلا ، ولم يجر عليه أحكامها ، إنه يلزم كثير
مما تقدم سابقا في الإيراد على القول بالإباحة ، من عدم تبعية العمل للقصد ومن
ثبوت أحكام جديدة لا دليل عليها ، ولئن سلم إثبات بعضها بالسيرة المعتبرة ، فلا
يجري في إثبات غيره ، وإن ألحقها به في الاسم دون الحكم ، فهو أغرب من سابقه ،
ضرورة اقتضاءه مخالفة جميع