الوجه ، كما لا
يخفى على من لاحظه مع التأمل ، وحينئذ فإطلاق البيع عليها مجاز أو على إرادة
المبادلة التي هي أحد إطلاقاته كما عرفته سابقا وبالجملة فتنزيل جميع كلمات
الأصحاب على إرادة الإباحة من حيث الملك ، نحو قولهم إباحة المناكح والمساكن
والمتاجر ، وأن المراد عدم كونها بيعا منعقدا وموجبا أي لازما كالبيع بالصيغة لا
يخلو من تجشم ، بل لعل تنزيلها أو جملة منها على ما يوافق ما سمعته من النهاية
أولى على معنى أن الصيغة شرط في صحة البيع ، فلا بيع صحيح بالأفعال مثلا ، لقصورها
عن ذلك ، وما شابهه مما يفيد الملك والتمليك المعاوضي باعتبار انهما وما شابههما ،
لما كانا من أعظم المقاصد التي بها معاش للإنسان ، وإنشاء قصدهما من الأمور
الباطنة أراد الشارع ضبطها ، بما يرتفع معه النزاع والمخاصمة ، وليس إلا البيان
الذي علمه الله تعالى للإنسان ، بخلاف الأفعال ونحوهما مما يدل على المقصود
بالكناية فلم يجعلها ضابطا لذلك.
وعليه يحمل قوله عليهالسلام « إنما يحلل
ويحرم الكلام » [١] على معنى إرادة
التحليل التابع للملك الذي من شخص إلى آخر ، فيحل لكل واحد ما كان حراما عليه ،
ويحرم على كل واحد منهما ما كان حلالا له ، لزوال ملك وحصول آخر وإنما تفيد
الافعال إباحاة مجانية أو بأعواض كذلك ، ولا تفيد ملكا وتمليكا ، فمن أراد إباحة
شيء لآخر كان له الاكتفاء في الدلالة عليها بالأفعال مثلا ، ومن ذلك المعاطاة
ويكون المراد هذا ما ذكروه من الإباحة ، لا أنها هي حكم ما قصد به المتعاطيان
الملك على جهة البيع ، جهلا منها بالشرع أو ابداعا ، ضرورة كون المتجه في مثله الفساد
، بناء على شرطية الصيغة في الصحة ، كما
[١] الوسائل الباب ٨
من أبواب أحكام العصور الحديث ٤.