ولا إشكال بعد ما
عرفت من كونه مقتضى الأدلة السابقة ، ولو منعه أحدهما وألزمه الآخر فالظاهر السقوط
أيضا للأصل وغيره ، والله العالم
الثالث لو تجدد
العذر بعد التحام الحرب والتقاء الصفين لم يسقط فرضه المستفاد من قوله تعالى [١]( يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا ) وغيره مما دل على
وجوب الصبر وحرمة الفرار من الزحف وتولية الدبر لكن على تردد من ذلك ، ومن الشك في
الوجوب معه ، لإطلاق ما دل على السقوط معه إلا مع العجز عن القيام به المانع من
التكليف المعلوم اشتراطه بعدمه عقلا ونقلا ، فإنه لا إشكال حينئذ في السقوط معه ،
هذا ، ولكن في المسالك إذا تجدد العذر بعد التئام الحرب فإن كان خارجا كرجوع
الأبوين وصاحب الدين لم يعتبر رجوعه ، لعموم الأوامر الدالة على الثبات حينئذ ،
وإن كان ذاتيا كالمرض والعمى والإقعاد ففي السقوط قولان ، أقربهما ذلك لعدم القدرة
التي هي شرط الوجوب ، وقال ابن الجنيد : يجب الثبات هنا أيضا ، وهو ضعيف ، نعم لو
لزم من رجوعه تخاذل في المسلمين وانكسار اتجه عدم السقوط ، قال : « واعلم أن ظاهر
العبارة كون الخلاف في القسم الأول خاصة ، والموجود في كتب الخلاف كونه في الثاني
» قلت : قد حكي التفصيل المزبور في المنتهى عن الشيخ وخلاف الشافعي في أحد قوليه
فيهما ، وصرح هو بعدم سقوط الفرض عنه في رجوع الأبوين عن الإذن في ذلك الحال ،
وكذا لو أسلما ولم يأذنا أو رجع الغريم أو السيد عنها كذلك ، بل صرح فيه بأنه لو
رجع الأبوان قبل التعين عليه رجع إلا أن يخاف على نفسه في الرجوع ولو من حدوث مرض
أو ذهاب نفقة ، فإن أمكنه الإقامة في الطريق وإلا مضى