ذلك فلحق بعضهم
بالروم ، فقال له النعمان بن عروة إن القوم لهم بأس وشدة ، فلا تعن عدوك بهم ، وخذ
منهم الجزية باسم الصدقة ، فبعث عمر في طلبهم وردهم وضعف عليهم الصدقة ، وأخذ منهم
في كل خمس من الإبل شاتين ، وأخذ مكان العشر الخمس ، ومكان نصف العشر العشر إلا
أنه لا يخفى عليك عدم الحجة في فعل عمر ، مع أنه لا ينطبق على الجزية الشرعية
بالنسبة إلى من لا صدقة عليه ، بل ومن عليه الصدقة إذا كان لا تبلغها ، ولعله لذا
روى الجمهور عن عمر بن عبد العزيز أنه لم يقبل من نصارى تغلب إلا الجزية ، وقال :
لا والله إلا الجزية وإلا فقد آذنتكم بحرب ، نعم عن الإسكافي أنه قال : لو وجد
المسلمون قوة واجتمعوا على القيام بالحق في بني تغلب لم يقروا على النصرانية ، لما
روي [١] من تركهم الشرط الذي شرط رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليهم أن لا ينصروا أولادهم ، ولما روي [٢] عن أمير المؤمنين
عليهالسلام أنه قال « لئن بقيت لنصارى بني تغلب لأقتلن المقاتلة ولأسبين الذرية ، فإني
أنا كتبت الكتاب بين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبينهم على أن لا ينصروا أبناءهم ، فليست لهم ذمة ، ولأنهم
قد صبغوا أولادهم ونصروهم » ورواه في المنتهى ، وأرسل الصدوق [٣] عن الرضا عليهالسلام « أن بني تغلب
أنفوا من الجزية وسألوا عمر أن يعفيهم فخشي عمر أن يلحقوا بالروم فصالحهم على أن
يصرف ذلك عن رءوسهم ويضاعف عليهم الصدقة ، فعليهم ما صولحوا عليه ورضوا به إلى أن
يظهر الحق »