على الجميع أنهم
الغانمون كالجيش الواحد ، والله العالم.
ويكره تأخير قسمة
الغنيمة في دار الحرب إلا لعذر كخوف المشركين ونحوه على المشهور بين الأصحاب شهرة
عظيمة ، بل لم يحك الخلاف في ذلك إلا من الإسكافي ، فجعل الأولى القسمة في دار
الإسلام وإن جازت في دار الحرب محتجا بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قسم غنائم خيبر والطائف بعد خروجه من ديارهم إلى الجعرانة [١] وهو لا يدل على
ما ذكره من الأولوية ، ضرورة كونه حكاية حال ، فيمكن أن يكون ذلك منه لعذر ، على
أنه معارض بما رواه الشيخ [٢] في محكي المبسوط من أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قسم غنائم بدر
بشعب من شعاب الصفراء قريب من بدر ، وكان ذلك دار حرب ،بل روى الجمهور [٣] عن أبي إسحاق
الفزاري قال : « قلت للأوزاعي : هل قسم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا من الغنائم بالمدينة؟ قال : لا أعلمه إنما كان الناس
يبتغون غنائمهم ويقسمونها في أرض عدوهم ، ولم ينقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في غزاة قط أصاب
فيها غنيمة إلا خمسه وقسمه قبل أن يتنفل ، ومن ذلك غزاة بني المصطلق وهوازن وخيبر
» ولعله لذلك أو غيره قال في المسالك : والمختار الأول ، ومستنده فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنه كذلك كان
يفعله ، رواه عنه العامة والخاصة إلا أنه كما ترى لا دلالة فيه على الكراهة ، بل
أقصى ما يقضي به استمرار فعله الرجحان دونها بعد معلومية الجواز عندنا بلا خلاف
أجده فيه بيننا ، للأصل وغيره ، بل لعله مقتضى الجمع بين ما سمعته من
[١] الصحيح هو غنائم
حنين والطائف كما ذكره ابن خلدون في تاريخه ج ٢ ص ٧٧٧ طبعة بيروت عام ١٩٦٦ وكذلك
غيره.