المسلم ، لأن له
الرجوع عن الأمان في تلك الحال ، فإنكاره حينئذ بمنزلة رجوعه ، وقولهم يجب الوفاء
به يراد به بعد غرور الحربي وركونه إليه وصيرورته في قبضته ، لأنه حينئذ يكون غدرا
، وربما كان في قوله تعالى ( ثُمَّ أَبْلِغْهُ
مَأْمَنَهُ ) إشارة إلى إرادة وجوب الوفاء بهذا المعنى وإن كانت منه على
من جاء به كما تسمعه من المنتهى فقد يقال بتوجه اليمين كما ستعرف ، وإن كانت دعواه
على غيره فلا يمين له عليه ، لما عرفت ، فتأمل. ولو حيل بينه وبين الجواب بموت أو
إغماء لم تسمع دعوى الحربي إلا بالبينة ، لعدم ما يدل عليها ، فيبقى العموم بحاله
ولكن في الحالين يرد إلى مأمنه ثم هو حرب كما في الكتب السابقة معللا له في
الأخيرين بالشبهة ، وفيه أنه مناف للحكم بتقديم قول المسلم وعدم قبول دعواه ، فإن
مقتضاهما جريان حكم الأسر والقتل عليه ، وليس في الأدلة درء ذلك عنه بمجرد الشبهة
نحو ما جاء في الحد وإنما فيها دخول الحربي بشبهة الأمان ، وهو يقتضي تحقق اشتباهه
لا الاكتفاء بمجرد دعواه ، والاحتياط في الدماء في غير أهل الحرب ، ولكن مع ذلك لا
ينبغي ترك الاحتياط مع إمكانه ، وفرض المسألة في المنتهى « أنه لو جاء المسلم
بمشرك فادعى أنه أسره وادعى الكافر أنه أمنه قال : فالقول قول المسلم ، لأنه معتضد
بالأصل ، وهو إباحة دم الحربي وعدم الأمان ، وقيل يقبل قول الأسير لأنه يحتمل صدقه
فيكون هذا شبهة يمنع من قتله ، وقيل يرجع إلى من يعضده الظاهر فإن كان الكافر ذا
قوة ومعه سلاحه فالظاهر صدقه ، وإن كان ضعيفا مسلوبا سلاحه فالظاهر كذبه ، والوجه
الأول ، ولو صدقه المسلم قال أصحاب الشافعي لا يقبل ، لأنه لا يقدر على أمانه ولا
يملكه ، فلا يقبل