بخصوص الأفراد
التي وردت بها النصوص ، والإجماع لا يخفى ما فيه ، وأنت خبير بما فيه.
ثم اعلم ان الذي
يقتضيه الأخذ بظاهر عباراتهم من قولهم كل جسم تعميم الحكم لأجزاء الإنسان نفسه
وغيرها من يده ورجله ونحو ذلك ، فيجزيه أن يمسح الغائط بأصابعه حتى ينقى ، لكن
للنظر فيه مجال ، هذا. وقد عرفت انه مما يمكن أن يؤيد به خلاف المشهور أيضا ،
لشهرة الاجتزاء بالتوزيع عندهم ، إذ هو في الحقيقة اكتفاء بالحجر الواحد ، وذلك
لأن كل حجر طهر موضعه ولم يفده الحجر الثاني فائدة ، فالمتجه بناء على وجوب
التثليث ما ذكره المصنف من أنه يجب إمرار كل حجر على موضع النجاسة فلا يجزي
التوزيع أي إمرار كل حجر على موضع من مواضع النجاسة ، لكن المشهور خلافه ، بل لم
أعثر على موافق له صريح ، سوى بعض متأخري المتأخرين ، وقد صرح بالاجتزاء في
المبسوط والمعتبر والمنتهى والتحرير والتذكرة والقواعد والمدارك والذخيرة وعن
الجامع ونهاية الأحكام والذكرى والدروس والبيان وشارح الدروس ، بل قال في الذخيرة
: ما حاصله ان نسبة العدم إلى بعض الفقهاء في كلام مثل العلامة المراد به أهل
الخلاف ، كما تشهد به الممارسة ، قلت : كأنه لم يلحظ الشرائع ، لكن نقل عن
المفاتيح وشرحها للأستاد نسبة ما ذهب إليه المصنف إلى الشهرة ، ولعلهما أخذاه من
إطلاق بعض الفتاوى التمسح بثلاثة أحجار ، وإلا فهو مشكل ، لما عرفت.
وكيف كان فمستند
المشهور صدق التمسح بثلاثة أحجار ، إذ ليس في الأدلة ما يدل على اشتراط مباشرة كل
حجر موضع النجاسة ، كما ان مستند المصنف ومن وافقه انه المتبادر من المسح بثلاثة ،
بل غيره من الأفراد النادرة التي لا ينصرف الإطلاق إليها ، مع ان استصحاب النجاسة
محكم ، وعن بعضهم انه قال مؤيدا لما ذكره المصنف من ان هذا التوزيع لا يتحقق إلا
بالحجرين ، لأن الحجر الثالث لا بد أن يمسح بمجموع المحل حتى يعلم النقاء بلا شك ،
وأيضا المحل لا بد أن يتكرر على بعضه الحجران الأولان أيضا ، لاستحالة زوال النجاسة
عن أي بعض منه بمسح واحد منها بحيث لم يمسح عليه الآخر