الوجود لا تقدح في
تناول المطلق ، بخلافها بالنسبة إلى المفهوم ، ( وثانيا ) بأنه قد يدعى ان ما نحن
فيه من باب العام ، إذ هو لعدم استقلال الجواب عن السؤال كان بمنزلة قوله لأحد
للاستنجاء ، كما هو واضح ، على أنه كيف يدعى الندرة القادحة في خصوص المقام ، مع
أنه كان ذلك غالبا في أهل تلك النواحي ، لحرارة أمزجتهم فكانوا يبعرون بعرا كما
أشارت إليه بعض الأخبار [١] معللة ذلك بأنهم كانوا يأكلون البسر ، فالحاصل دعوى الندرة
التي تكون سببا لعدم العمل بالمطلق بإطلاقه ممنوعة أشد المنع ، فتأمل.
وربما يرشد إليه
ما ستسمعه من أن المشهور بين القائلين بالتثليث الاجتزاء بالتوزيع وهو قاض بإزالة
الحجر الواحد النجاسة ، ولو لا مخافة خرق الإجماع المركب لأمكن القول والجمع بين
الروايات المنجبرة بالشهرة وبين الخبرين المذكورين بحصول الطهارة بالأقل ووجوب
الإكمال تعبدا ، بل يمكن حمل بعض روايات القدماء عليه ، بل في جامع المقاصد بعد
اختياره المشهور قال : « وهل الحكم بالطهارة موقوف على الإكمال أم الطهارة دائرة
مع النقاء والإكمال واجب؟ الظاهر الأول » انتهى. فان ترديده بين الأمرين ظاهر في
عدم كونه مقطوعا به ، ومما يمكن أن يؤيد به خلاف المشهور أيضا أن ما ذكروه من
الروايات قد دخلها التأويل ، وذلك لأن المشهور شهرة كادت تكون إجماعا ، بل قد حكى
في الخلاف وعن الغنية انه يكتفى بكل جسم طاهر قالع للنجاسة سواء كان حجرا أو غيره
، بل يدل عليه مضافا إلى ذلك الروايتان المطلقتان [٢] وخبر ليث المرادي
[٣] عن الصادق عليهالسلام قال : « سألته عن استنجاء الرجل بالعظم أو البعر أو العود؟
فقال : أما العظم والروث فطعام الجن » وخبر زرارة [٤]
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٥.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٥ والباب ـ ١٣ حديث ١.
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٥ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.
[٤] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٥ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٣.