كثرة وقوعه في
الروايات يشعر بعدم الكراهة فيه ، كما لعل مثله في عدمها أيضا تسخين الماء ونحوه
عند الاحتياج إليه ، والظاهر اختصاص الكراهة بالمعادن دون المعين كما ينبئ عنه قوله عليهالسلام : ( تؤجر أنت وأوزر أنا ).
ويكره أن يمسح بلل
الوضوء عن أعضائه بما يصدق عليه اسم التمندل ، فيرتفع الخلاف بينه وبين التعبير به
في المعتبر والمنتهى والتذكرة والقواعد والإرشاد والدروس وغيرها ، بل في الأخير
وغيره نقل الشهرة عليه ، وإن لم أقف له على مستند سوى وجوه اعتبارية ، وقول الصادق
عليهالسلام في خبر محمد بن حمران المروي عن ثواب الاعمال ، وعن سلم بن الخطاب على ما في
الكافي ، وعن إبراهيم ابن محمد الثقفي على ما عن محاسن البرقي ، ومرسلا كما عن الفقيه [١] : « من توضأ
وتمندل كتبت له حسنة ، ومن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضوؤه كتبت له ثلاثون حسنة » لا
يدل على الكراهة ، بل أقصاه كون الترك أفضل ، ولذا عبر بذلك الشيخ في الخلاف ، بل
عن سائر كتبه كما عن الوسيلة والإصباح ، ودعوى أن ترك المستحب مكروه أو أن مكروه
العبادة الأقل ثوابا فيه ما لا يخفى من منع الأول كالثاني إن أريد مطلق أقلية
الثواب ، على أن جعل ذلك من مكروه العبادة فيه منع ، إذ لا مانع هنا من إرادة
الكراهة بمعناها الأصلي من المرجوحية ، وكونه في ماء الوضوء الذي هو عبادة لا يمنع
من ذلك كما هو واضح ، ولو لا الشهرة بين الأصحاب على الكراهة لأمكن القول بعدم ذلك
كما عن المرتضى في شرح الرسالة ، بل باستحباب مسح الوجه ، لما في خبر إسماعيل بن الفضل [٢] قال : « رأيت أبا
عبد الله عليهالسلام توضأ للصلاة ثم مسح وجهه بأسفل قميصه ، ثم قال : يا إسماعيل افعل هكذا فاني
هكذا أفعل » وما في خبر منصور بن حازم [٣] قال : « رأيت أبا عبد الله عليهالسلام وقد توضأ وهو
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٤٥ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٥.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٤٥ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٣.
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ٤٥ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٤.