وإذا زال السبب المسوغ للمسح على الخف بعد أن
وجد قطعا أعاد الطهارة على قول اختاره في المعتبر والمنتهى وعن المبسوط والتذكرة
والإيضاح وبعض متأخري المتأخرين ، وهو ظاهر كشف اللثام. وقيل : لا تجب إلا لحدث
واختاره في المختلف والذكرى والدروس وجامع المقاصد والمدارك والمنظومة كما عن
الجامع والروض ، بل ربما قيل انه المشهور ، وفي التحرير في الإعادة نظر ، وفي
القواعد إشكال ، وكيف كان فالأقوى في النظر الثاني ، لكونه مأمورا بذلك ، والأمر
يقتضي الاجزاء ، ولاستصحاب الصحة ، ولما دل [١] على أن
« الوضوء لا ينقضه إلا حدث » وارتفاع الضرورة ليس منه ، ولأنه حيث
ينوي بوضوئه رفع الحدث يجب حصوله لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم[٢] : ( لكل امرئ ما نوى ).
وما يقال : إن
الضرورة تقدر بقدرها فيه أنه إن أريد عدم جواز الطهارة كذلك بعد زوال الضرورة فحق
، وإن أريد به عدم إباحتها فلا ، لأن المقدر هي لا إباحتها ، وهو محل النزاع ،
وكذا ما يقال : إنا نمنع حصول رفع الحدث بالوضوءات الاضطرارية ، وانما هي مجرد
إباحة ، كوضوء المسلوس والمبطون ونحوهما ، فيقتصر في الإباحة على التيقن ، وهو ما
دامت الضرورة موجودة. إذ فيه ( أولا ) أن الظاهر مخالفته الإجماع ، وإلا لوجب
اقتصار المضطر بالنسبة إلى كل ما يشترط فيه الوضوء من مس كتابة القرآن وغيره على
ما يرتفع به الضرورة ، فلا يجوز لذي الجبيرة أن يمس مثلا كتابة القرآن مع الاختيار
ونحو ذلك. فان قيل : ان البدلية سوغت ذلك ، قلنا : مقتضاها أيضا أن لا ينقض إلا
بحدث وهو المطلوب ، لا يقال : إنه ليس بأولى من بدلية التراب عن الماء ، بل هي
أقوى مما هنا بمراتب ، ومع ذلك متى وجد الماء وجب الوضوء. لأنا نقول انه قياس لا
نقول به ، فان الفارق بينهما الدليل ، ومن وجوده هناك علم أن التيمم مبيح لا رافع
،
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣ ـ من أبواب نواقض الوضوء ـ حديث ٤.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٥ ـ من أبواب مقدمة العبادات ـ حديث ١٠.