لنا مضافا إلى ما
سمعت من الأخبار المروية من طرقهم قوله تعالى [١]( فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ، وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) بالجر في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة ، وفي رواية أبي
بكر عن عاصم ، بل قيل انها مجمع عليها ، وانها هي القراءة المنزلة ، بخلاف قراءة
النصب فإنها مختلف فيها ، ويؤيده
خبر غالب بن الهذيل [٢] من طريق الأصحاب قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عز
وجل ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) على الخفض هي أم
على النصب؟ قال : بل هي على الخفض » على أنه لو سلمنا قراءة النصب كما نقلت عن
نافع وابن عامر والكسائي ، وفي رواية حفص عن عاصم فهي غير منافية لها ، لحمل
الأولى على العطف على اللفظ ، والثانية على المحل ، ودعوى أنه ليس أولى من جعلها
في النصب معطوفة على لفظ الأيدي ، وحمل قراءة الجر على جر المجاورة ، كما في قولهم
هذا جحر ضب خرب يدفعه أن العطف على المحل أولى للقرب ، وللفصل وللإخلال بالفصاحة
من الانتقال عن جملة إلى أخرى أجنبية قبل تمام الغرض ، بل فيه إغراء بالجهل ،
ومنافاة للغرض ، مع أنه يقتضي حمل قراءة الجر على المجاورة كما اعترف به في السؤال
، وإلا يحصل التنافي بين القراءتين ، وهو غير جائز ، وارتكاب إيجاب الجمع بين
الغسل والمسح كما قال به داود فهو مع عدم وضوح ترتبه على ذلك قد استقر الإجماع على
خلافه كما قيل ، كاحتمال القول بالتخيير بينهما ، فلم يبق إلا التزام جر المجاورة
، وهو ـ مع ما عن محققي النحويين منعه ، وتأويل جميع ما يتخيل فيه ذلك ، بأن يراد
مثلا بخرب صفة مشبهة أي خرب جحرة ، ونحوه غيره ، وعن بعض التصريح بعدم جواز وقوعه
في الكلام الفصيح ، وانه شاذ يقتصر فيه على بعض الألفاظ المسموعة ـ مشروط بعدم
وجود حرف العطف ، لانتفاء المجاورة معه ، وعدم اللبس كما في المثال ، بخلاف ما نحن