كون الظاهر فيها
انصرافها الى الفرد الغالب ، وهو تحقق الغسل بما زاد على المثلين فضلا عنهما ،
والرواية ـ مع كونها مرسلة لا جابر لها ، وموهونة باعراض المشهور ، مضافا إلى
استبعاد تحقق الغسل بالمثل ، لاشتراط الغلبة والاستيلاء ، وهو منتف فيه إلا على
تكلف تسمعه إن شاء الله تعالى ـ غير صريحة الدلالة ، بل ولا ظاهرة ، لاحتمال أن
يراد بمثله مثله من الماء ، كما أشارت إليه بعض الأخبار [١] « أنه ماء فلا
يزال إلا بالماء » بل يحتمل أن تكون الرواية بمثليه ، وحذفت الياء من النساخ ،
واحتمال العكس في الرواية الأولى في غاية البعد ، لما عرفت من انجبارها بفتوى
الأصحاب الذين صدرت منهم الروايات ، وربما احتمل فيها احتمالات أخر لا بأس بها في
مقام الجمع بعد ما سمعت من رجحان الأولى من وجوه متعددة ، ويظهر من المحقق الثاني
في جامع المقاصد وعن تعليقه على الكتاب والنافع أن المراد بالمثلين في الرواية
وكلام الأصحاب كناية عن وجوب الغسل مرتين ، مع اختياره لوجوب المرتين ، ومثله نقل
عن الشهيد الثاني في المسالك ، والكلام معهما في مقامين.
( الأول ) جعل
المثلين في الرواية وكلام الأصحاب عبارة عن الغسلتين ، وفيه أنه لا شاهد لهما على
ذلك ، بل الظاهر خلافه ، إذ الرواية ظاهرة في التقدير ، لسؤالها عنه من غير تعرض
للتعدد ، وكذلك كلام الأصحاب ، فإنهم ـ بعد أن ذكروا أن البول لا بد من غسله
بالماء ـ قالوا : وأقل ما يجزي من الماء مثلا ما عليه من البلل ، وهو بإطلاقه شامل
لما إذا كان ذلك دفعة أو دفعتين بعد تحقق مسمى الغسل به ، على أنه من المستبعد
تحقق مسمى الغسل بالمثل ، لعدم حصول الغلبة والاستيلاء ، وما يقال ان المراد
بالمثل أي مثل القطرة المتخلفة في رأس الذكر ، أو هي مع البلل ، وحينئذ فتتحقق
الغلبة ، ويحصل الغسل بالمثل ، مع كونه خلاف ظاهر قوله ما على الحشفة من البلل ،
بل
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٦ ـ ولم نعثر على ( أنه ماء فلا يزال إلا
بالماء ).