ان ابن إدريس في
السرائر قال بعد ما نقلناه عنه من المسح على المقدم بكلام طويل : « وأقل ما يجزي
في مسح الناصية ما وقع عليه اسم المسح » ولعله أراد بها المقدم ، وفي الذكرى «
يجوز المسح على كل من البشرة والشعر المختص بالمقدم لصدق الناصية ـ ثم قال ـ :
والأغم والأنزع يمسحان مكان ناصية مستوي الخلقة » والرواية مع ظهور إعراض الأصحاب
وعدم صراحتها في الوجوب لاحتمال أن يكون قوله عليهالسلام : ( وتمسح ) على
إضمار ( أن ) فيكون معطوفا على قوله عليهالسلام : ( ثلاث ) فلا تكون للأمر وما ينقل عن ابن الأنباري
باشتراط كون المعطوف عليه مصدرا في نحو ذلك قد يمنع ، أو يقال : انه هنا بمنزلة
المصدر لا تصلح لتقييد تلك المطلقات من النصوص وغيرها.
نعم قد يقال :
المراد بالمقدم في النص والفتوى الناصية لا على جهة التقييد ، بل على دعوى أن ذلك
أحد معانيه كما صرح به في القاموس على ما قيل ، وعن المصباح المنير أنه قال : «
الناصية قصاص الشعر ، وجمعها النواصي ، ونصوت فلانا قبضت على ناصيته وقول أهل
اللغة : النزعتان هما البياضان المكتنفان بالناصية ، والقفا مؤخر الرأس ،
والجانبين ما بين النزعتين ومؤخر الرأس ، والوسط ما أحاط ذلك به ، وتسميتهم كل
موضع باسم يخصه كالصريح في أن الناصية مقدم الرأس » انتهى. وقد يظهر أيضا من عبارة
السرائر والذكرى المتقدمين. فما يظهر من بعضهم من أن المقدم عبارة عن ربع الرأس
مبتدءا به من قنتة ، فالربع الذي يسامت الجبهة هو المقدم لا دليل عليه ، فيكون
حينئذ المقدم عبارة عن الناصية ، وهي على ما عن العلامة وغيره عبارة عما أحاط به
النزعتان حتى يسامت منتهاهما ، وربما ينطبق عليه ما في الهداية من أن حد الرأس
مقدار أربع أصابع من مقدمه ، وما عن الناصريات « أنه قال الناصر : فرض المسح متيقن
بمقدم الرأس ، والغاية إلى الناصية فكتب السيد هذا صحيح ، وهو مذهبنا ، وبعض
الفقهاء يخالفونا في ذلك ، ويجوزون المسح على أي بعض كان من الرأس ، والدليل على
صحة مذهبنا الإجماع » انتهى. وكان مراد الناصر بقوله وغايته الناصية أي منتهى