الجميع لم يكن
ممتثلا ، والأقوى في النظر انها كسابقتها في الصحة ، لصدق تحقق البعض في مسح
الجميع ، ولعل الأمر بإيجاب مسح البعض انما هو في مقام توهم وجوب الجميع ، فلا
يفيد سوى الاجتزاء بذلك ، وحرمة الجميع إنما تجيء من جهة التشريع.
وقد تظهر الثمرة
في الغافل والجاهل المعذور ونحوه ، فإنه يتجه الفساد على الوجه الأول والصحة من
دون حرمة على الوجه الثاني ، وقد يقال بالبطلان في جميع صور التشريع من غير فرق ،
بين الابتداء والأثناء ، لكونه مسحا واحدا عرفا ، فلا يجتمع فيه الواجب والمحرم ،
نعم لو كرر المسح بأن مسح الواجب ثم مسح غيره مع فصل بينهما اتجه القول بصحة
الوضوء وإن أثم ، لكن الأول أقوى ، فتأمل.
ويختص الواجب من
المسح والمستحب بمقدم الرأس فلا يجزي المسح على غيره ، كما في الفقيه والهداية
والإشارة والجمل والعقود والتهذيب والخلاف والمراسم والمعتبر والسرائر والنافع
والمنتهى والإرشاد والقواعد والتحرير والدروس واللمعة والروضة وغيرها ، بل في
الخلاف وكشف اللثام الإجماع عليه ، كما في الانتصار مما انفردت به الإمامية القول
بأن الفرض مسح مقدم الرأس ، والفقهاء يخالفون في ذلك ولا يوجبونها ، ولا شبهة في
أن الفرض عند الإمامية يتعلق بمقدم الرأس ، ولا يجزي سواه ، ثم استدل على صحة ما
ذهب إليه الإمامية بالإجماع ، ويدل عليه مضافا إلى ذلك الأخبار المعتبرة المستفيضة
حد الاستفاضة ، ف في الحسن كالصحيح منها [١] « امسح على مقدم رأسك » وفي آخر [٢] « يرفع العمامة
بقدر ما يدخل إصبعه ، فيمسح على مقدم رأسه » الى غير ذلك من الأخبار المشتملة على
ذكر المقدم من الوضوءات البيانية وغيرها ، فما في بعض الأخبار [٣] من الأمر بالمسح
على خلف الرأس مطرح
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٥ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ١.
[٢] الوسائل الباب ـ
٢٢ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٣.
[٣] الوسائل الباب ـ
٢٢ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٦.