وقد يستدل أيضا
بما دل على مسح المقدم من الأخبار لظهورها في استيعابه ، خرج الزائد عن الثلاث
بالإجماع ، فيبقى الباقي. وتعرف الجواب عنها عند البحث عن المقدم إن شاء الله
تعالى ولظاهر لفظ الاجزاء في أقل الواجب ، وللجمع بين هاتين الروايتين ورواية
الإصبع المشتملة على ذكر البرد فصل الشيخ بين الاختيار وغيره ، وابن الجنيد بين
الرجل والمرأة ، لكنك خبير أن مثل هاتين الروايتين ـ مع الطعن في سند الثانية ، وقلة
العامل بهما ، بل الشيخ في النهاية لم يعرف أنه مذهب له ، ولذلك قال ابن إدريس
أوردها إيرادا لا اعتقادا ، مع احتمالها إرادة الندب فإنه يعبر عن ذلك بعدم الجواز
، واحتمال عبارة الفقيه ان ذلك حد الرأس بمعنى أنه متى مسح بأي جزء منه أجزء ، كما
لعله يشعر به عبارة الهداية أن حد الرأس مقدار أربع أصابع من مقدمه ، وتحتمل الندب
أيضا ، مع أن ظاهر عبارة الفقيه إيجاب كون آلة المسح ثلاث أصابع ، والرواية لا تدل
عليه ، مع ما عرفت من الشهرة بين الأصحاب والإجماع المنقول صريحا وظاهرا ـ غير
صريحة في الخلاف ، لاحتمال إرادة الاجزاء في الفضيلة ، أو إلقاء الخمار ، مع
اختصاص الرواية الأولى بالمرأة ، فلذلك كان حملها على الاستحباب متجها.
فقال المصنف
والمندوب مقدار ثلاث أصابع مضمومة كما في المقنعة والخلاف والجمل والعقود والسرائر
والمعتبر والقواعد والتحرير والنفلية وجامع المقاصد والروضة وغيرها ، وهو المنقول
عن المبسوط والغنية والمراسم والوسيلة والمهذب ومصباح السيد والإصباح وغيرها عرضا
كما في المقنعة والتحرير والنفلية وغيرها ، والظاهر أن المراد من المستحب مقدار
عرض ثلاث أصابع ، لأنه المتبادر من التقدير بالثلاث أصابع ، ويظهر من بعض أن المراد
استحباب هذا المقدار في عرض الرأس ، والفرق بين هذا وسابقه أن الأول مجمل بالنسبة
إلى إرادة العرض من الممسوح أو طوله ، مبين بالنسبة إلى التقدير ، والثاني مجمل
بالنسبة إلى المقدار ، مبين بالنسبة إلى عرض الممسوح ، وأنت خبير أن الروايات
خالية عن بيان ذلك ، فيحتمل إرادة عرض