الإنسان في مسح
رأسه أن يمسح من مقدمه مقدار إصبع يضعها عليه عرضا مع الشعر إلى قصاصه » وتحتمل
وجها آخر ، وربما يشير الى ذلك أيضا ما في إشارة السبق والدروس لقولهما مسح الرأس
بما يتحقق به مسماه ولا يحصل بأقل من إصبع ، وقد يكون ذلك ظاهر الخلاف أيضا ، لأنه
قال : ويجزي مقدار إصبع واحدة ، واستدل عليه بإجماع الفرقة ، وب قول أبي جعفر عليهالسلام[١] « إذا مسحت بشيء
من رأسك فقد أجزأك » ويرشد إليه أيضا عدم ذكرهم ذلك مستقلا ممن عادته التعرض لمثل
ذلك ، ونقله في المختلف عمن رأينا عبارته من الاجتزاء بالمسمى كابن إدريس ،
واستدلاله في المنتهى على الاجتزاء بالمسمى برواية الإصبع التي ستسمعها ، إلى غير
ذلك من الامارات الكثيرة الدالة على كون مرادهم المشهور الذي نقلناه أولا لكن قد
تأباه عبارة التهذيب ، لأنه قال في الاستدلال على ما ذكره المفيد من الاجتزاء
بالإصبع : ويدل عليه آية المسح ، ومن مسح رأسه ورجليه بإصبع واحدة فقد دخل تحت الاسم
ويسمى ماسحا ، ولا يلزم على ذلك ما دون الإصبع ، لأنا لو خلينا والظاهر لقلنا
بجواز ذلك لكن السنة منعت منه.
وكيف كان فلا ريب
في أن ما ذكره المصنف هو الأقوى للأصل ، ولإطلاق قوله تعالى [٢](
وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) مع تفسيرها بالصحيح أن المراد بها بعض الرأس لمكان الباء ،
وما ينقل عن سيبويه من إنكار كون الباء للتبعيض لا يلتفت اليه ، مع أنه معارض
بدعوى غيره ثبوتها في هذا المعنى ، وانها حقيقة ، والمثبت مقدم على النافي ،
ويؤيده مجيئها في الشعر وغيره بهذا المعنى ، فليطلب من مظانه ، ومثلها إطلاق كثير
من الأخبار الآمرة بالمسح على مقدم الرأس ، مع ظواهر كثير من الوضوءات البيانية في
وجه ، ول قول أبي جعفر عليهالسلام[٣] في خبر زرارة وبكير ابني أعين :
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٣ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٤.