القوى القدسية ـ انه
مناف لما تسمعه من التحقيق الذي يأتي على جميع ما ذكرنا وذكر من الاشكال ، وهو أن
الأصحاب لم يجعلوا الإبهام والوسطى معيارا للحد الطولي ، بل حددوه بكونه من القصاص
إلى الذقن ، نعم قد جعلوهما حدا للعرض ، ومن المعلوم أن المراد بالقصاص قصاص
الناصية ، ثم يؤخذ ما يسامتها من الجانبين في عرض الرأس ، فيخرج النزعتان لكونهما
ليسا من الوجه قطعا ، إذ التحديد مساق لبيان الوجه ، وإلا فالدائرة التي ذكرها
البهائي لا تجدي في دفع الإيراد بالنزعتين كما هو واضح ، فيراد حينئذ بعد تعليق
الجار والمجرور بقوله عليهالسلام : ( دارت ) ان ما أحاطت به الإبهام والوسطى وما جرت عليه
من القصاص إلى الذقن فهو من الوجه ، بمعنى أن كل موضع جرت عليه الإصبعان من هذا
المكان الذي هو من القصاص إلى الذقن فهو من الوجه ، ولعل هذا أولى مما ذكره لظهور
قوله عليهالسلام : ( دارت عليه الإبهام والوسطى من القصاص ) في كون ابتداء الدوران للإصبعين
معا من القصاص ، وعلى كلامه يكون الدوران من القصاص للوسطى خاصة ، لكون المفروض أن
الإبهام على الذقن ، بل لا معنى لجعل الذقن منتهى الدائرة لأن ابتدائها وقع من
القصاص والذقن وانتهائها إليهما أيضا ، بأن يكون الإبهام على القصاص والوسطى على
الذقن فيكون لكل من الإصبعين نصف الدائرة ، مع أن الرواية كادت تكون صريحة في
إرادة ابتداء جريان مجموع الإصبعين من القصاص وانتهائه إلى الذقن ، وهو عين ما
ذكره الأصحاب ، بل لا يخفى على المتأمل في التحديد الذي ذكره انه يخرج عنه بعض
الجبينين قطعا ، مع أنهما من الوجه بديهة كما هو نص خبر إسماعيل بن مهران [١] بل قد يقال ان
جميع ما تكلفه محافظة على حقيقة العبارة لا يتم معه ، لظهور قوله ( عليهالسلام : ( ما دارت عليه الإبهام والوسطى من قصاص ) إلى آخره في أن
الإصبعين يدوران في جميع أجزاء الوجه من القصاص إلى الذقن فيلزم ما لا يتناهى من
الاستدارة وهو لا معنى له ، إذ كيف يعقل حصول الاستدارة في خط
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٧ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٢.