الأخبار [١] الدالة على
الاجتزاء بغسل واحد فإنه شامل لما نوى به الخصوصية ، وفيه ـ مع أن هذا الشمول غير
مطرد عندهم ، لكونه في الحيض ونحوه معركة للآراء ، وفي غيره من الأغسال المستحبة
الظاهر عدم الاجتزاء كما ستسمع ـ أن دعوى الشمول ممنوعة ، لظهور قوله عليهالسلام : ( أجزأك عنها ) وقوله عليهالسلام : ( يجزيه لهما
غسل واحد ) في قصد الفعل للجميع ، مع تأيده بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لكل امرئ ما
نوى » وقوله عليهالسلام : « لا عمل إلا بنية » و
« انما الأعمال بالنيات » ونحو ذلك ، وقد عرفت أن الأصل يقضي بتعدد المسببات ،
فمقتضاه حينئذ الخطاب بأغسال متعددة ، فلا بد من التعيين لاشتراك الفعل بين أمور
متعددة ، وقولهم لا يجب نية السبب انما هو فيما إذا اتحد ، وأقصى ما دلت عليه
الأخبار انما هو الرخصة في الاجتزاء عن هذه الأغسال المتعددة بغسل واحد ، فصار الغسل
الواحد يقع حينئذ على وجهين ، مجتزيا به عن الجميع ورافعا للبعض ، فلا بد للمكلف
من التعيين في إيقاعه على أحد الوجهين ، فمتى أوقعه لا بقصد لم يقع لأحدهما ، ولو
أوقعه لأحدهما لم يقع عن الثاني كما هو واضح ، كل ذا مع أن المتيقن في الخروج عن
الأصل السابق انما هو مع قصد الجميع.
والأجود في
الاستدلال عليه في خصوص الجنابة بالإجماعين المنقولين في السرائر وجامع المقاصد ،
وربما يظهر من غيرهما ، وما يشعر به
مرسل جميل المتقدم [٢] عن أحدهما عليهماالسلام « إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأ عنه ذلك الغسل من
كل غسل يلزمه في ذلك اليوم » وقد يستدل بما دل [٣] على ان غسل الجنابة لا وضوء معه ، وذلك لأنه لا معنى للقول
بان هذا الغسل لا يجزي عن الجنابة ، بل قد يقال : انه مخالف للإجماع ، إذ هو حدث
مخاطب برفعه ، وهو يقتضي إمكانه مع أن الأمر بالاغتسال للجنابة شامل له فيقتضي
الاجزاء ، وقد دلت الأدلة على ان غسل الجنابة متى تحقق لا وضوء معه ،