والفاضل صاحب
الحدائق والمدقق الخوانساري ، قال بعد أن ذكر تفسير الاستدامة بالمشهور وكلام ابني
إدريس وزهرة : « إن مقتضاه اعتبار الاستدامة الفعلية كما هو مقتضى الأدلة ، لوجوب
تلبس العمل بالنية ، والحكمية مستلزمة لخلو جل العمل عنها ، ومبنى الخلاف هو
الخلاف في تفسير أصل النية هل هي الصورة المخطرة بالبال ، أم نفس الداعي إلى الفعل
فعلى الأول لا يمكن اعتبار الاستدامة الفعلية ، إذ ما جعل الله لرجل من قلبين في
جوف واحد ، فتعينت الحكمية ، لقوله عليهالسلام : ( ما لا يدرك ) وعلى الثاني يمكن اعتبارها فيجب وحيث كان
المستفاد من الأدلة ليس إلا الثاني بناء على دلالتها على اعتبار النية في أصل
العمل ومجموعه ، وهو ظاهر في وجوب بقائها في نفسها إلى منتهاه ، وقد عرفت تعذره في
المخطر ، فلم يبق إلا الداعي ، إلى أن قال : ومما ذكر ظهر سقوط كلفة البحث عن
المقارنة وتقدمها عند غسل اليدين ، لعدم انفكاك المكلف على هذا التقدير عنها ، فلا
يتصور فقدها عند القيام إلى العمل ليعتبر المقارنة لأول الواجبي أو المستحبي »
انتهى. وهو كالصريح كغيره ممن نقلنا عنهم أنه لا فرق بين الابتداء والاستدامة ،
وأنه لا وجه للبحث في التقديم عند غسل اليدين ، وفيه ما لا يخفى ، فإنه ـ مع
مخالفته بعض ما هو مجمع عليه بحسب الظاهر ـ مستلزم لصحة وقوع العبادة بعد حصول
الداعي مع الغفلة الماحية لأصل الخطور في الذهن كما يتفق ذلك في الأثناء ، وهو
بعيد جدا ، أو أنهم يلتزمون فساد ما وقع فيها في أثناء ذلك حتى يتساوى الابتداء
والأثناء ، وهو أبعد ، وما أدري ما الذي دعاهم إلى ذلك مع أن القول بالداعي لا
يقتضيه كما تقدم.
ومنه تعرف الوجه
في مسألة تقديم النية عند غسل اليدين ، وأنه يتصور له معنى بناء على الداعي ، لما
ظهر لك من الفرق بين الابتداء والأثناء ، فأما أن يعتبر الخطور عند غسل اليدين أو
القصد أو غير ذلك واتفاق استمراره غير قادح ، وتظهر الثمرة لو انقطع ، وما يقال ـ :
انه متى انقطع وأغفل عنه من المحال أن يصدر فعل اختياري جار مجرى أفعال العقلاء ـ يدفعه
أنه على تقدير تسليم ذلك لا يمتنع أن يكون اكتفى الشارع