نزل جبرئيل عليهالسلام بوجوب التمتع على
أهل الآفاق ، ومبدأ النزول كان حين فراغه من السعي ، ونزلت الآية في ذلك المقام
بذلك ، فأمرهم بجعل ما طافوا وسعوا عمرة ، حيث ان جملة من كان معه من أهل الآفاق ،
وان يحلوا ويتمتعوا بها إلى الحج ، فهو ليس مما نحن فيه من جواز العدول وعدمه في
شيء ـ يدفعه ان امره صلىاللهعليهوآلهوسلم جميع أصحابه بذلك مع القطع بأن منهم من أدى حجة الإسلام
أوضح شيء في الدلالة على المطلوب ، ولا ينافيه شموله أيضا لمن وجب عليه الحج
نعم الظاهر اختصاص
الحكم المزبور بمن جازت المتعة في حقه ، أما من تعين عليه غيرها بأصل الشرع أو
بعارضه فلا يجوز له العدول ، للأصل بعد قصور أدلة العدول عن تناول مثل ذلك ،
وتناول امره صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعدول لمن وجب عليه الحج في ذلك العام لا يقتضي جوازه لمن لم تشرع المتعة
في حقه كحاضري مكة ، بل أقصاه العدول إلى التمتع الذي هو فرضهم عند نزول الآية
وكان ممكنا لهم لمشروعية العدول ، وهو غير جواز العدول في الأثناء لمن لم يشرع
التمتع له في الابتداء ، كما هو واضح ، وحينئذ فلا حاجة الى ما أطنب به في الرياض
من الجواب عن ذلك بدعوى كون التعارض بين هذه النصوص وبين ما دل على كون الافراد
فرض حاضري مكة من وجه ، ولا ترجيح ، فالأخذ بالمتيقن واجب ، وهو عدم جواز العدول ،
وحينئذ فما عن المسالك من أن التخصيص بذلك بعبد عن ظاهر النص في غير محله ، هذا وفي
المدارك « لا يخفى ان العدول انما يتحقق إذا لم يكن ذلك في نية المفرد ابتداء ،
وإلا لم يقع الحج صحيحا من أصله ، لعدم تعلق النية بحج الافراد ، فلا يتحقق العدول
عنه ، كما هو واضح » وفيه منع توقف تحقق العدول على ذلك أولا ، ومنع انحصار عنوان