ولكن مع ذلك الأول
أظهر من ذلك كله : خصوصا القول بالأربعة الذي هو في غاية الندرة ، حتى أن الشيخ
الذي قال به في التهذيب قد رجع عنه في المبسوط إلى العموم ، وفي الخلاف إلى الستة
، ومنه يعلم المناقشة في الحصر في الصحيح بالأربعة المشتمل على ما لا يقول به أحد
من الكفارة بأنه لا بد من صرفه عن ظاهره بالنسبة إلى الكافور والعود لما عرفت ،
فيكون مجازا بالنسبة إلى ذلك ، وهو ليس بأولى من إبقاء العموم على حاله وحمله على
ما هو أغلظ تحريما أو المختص بالكفارة ، بل لعله أولى وإن كان التخصيص بالترجيح
أحرى من المجاز حيث ما تعارضا ، فان ذلك حيث لا يلزم إلا أحدهما ، واما إذا لزم
المجاز على كل تقدير فلا ريب في أن اختيار فرد منه يجامع العموم أولى من الذي يلزم
معه التخصيص كما لا يخفى ، والعمدة كثرة النصوص المزبورة مع عمل المشهور بمضمونها
، واشتمال بعضها على التعليل بأنه لا ينبغي للمحرم التلذذ بذلك المناسب لمعنى
الإحرام ، ولما ورد [١] في دعائه من إحرام الأنف وغيره ، فيكون الظن بها أقوى ،
وإجماع الخلاف على نفي الكفارة فيما عدا الستة لا ينافي الحرمة بعد تسليمه ، كما أن
إجماع ابن زهرة لا ينافي حرمة غيرها ، كل ذلك مضافا إلى معلومية عدم الحصر المزبور
مع فرض إرادة ما يشمل الدهن من الطيب ، ضرورة المفروغية من حرمته ، قال في المنتهى
« أجمع علماؤنا على أنه يحرم الادهان في حال الإحرام بالادهان الطيبة كدهن الورد
والبان والزيبق ، وهو قول عامة أهل العلم ، ويجب به الفدية إجماعا » ومقتضى ذلك
كون النزاع هنا في الطيب غير الادهان الذي سيتعرض له المصنف ، اللهم إلا أن يكون
المراد هناك خصوص الادهان دون الشم والأكل ، فإنه من مفروض البحث هنا ، ويأتي إن
شاء الله تمام الكلام فيه ، وإن
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٦ ـ من أبواب الإحرام ـ الحديث ١.