اقتصارا فيما خالف
الأصل على موضع الوفاق » قلت : لا ريب أن مقتضى الصحيح وجوب الإحرام من محاذاة أول
المواقيت ، بل لعل الظاهر منه بعد إلغاء خصوصية مسجد الشجرة خصوصا على ما رواه في
كشف اللثام أن المحاذاة المزبورة لكل ميقات من المواقيت ، فيراد حينئذ بالميقات هو
تحديد أول الإحرام من ذلك المكان أو ما يحاذيه لا خصوصيته.
ومن هنا اتجه
للأصحاب إطلاقهم عدم إيجابهم المرور به وإن كان متمكنا من ذلك ، إذ لو كان هو شرطا
في صحة الإحرام وجب المرور به تحصيلا للإحرام الصحيح ، وبذلك ظهر لك أنه لا وجه
للمناقشة في الحكم المزبور في المدارك وأتباعها ، حتى قال : المسألة قوية الاشكال
، والاحتياط للدين يقتضي المرور على الميقات والإحرام منه تبعا للمنقول ، وتخلصا
من الخلاف ، بل قيل خصوصا وقال الكليني بعد أن روى الصحيح المزبور : وفي رواية [١] « يحرم من الشجرة
ثم يأخذ أي طريق كان » قلت : لكنها رواية مرسلة فلا تعارض الصحيح الموافق لظاهر
الأصحاب ، إذ لم أجد من أفتى بظاهرها ، ونسبة الحكم إلى القيل يمكن أن يكون
لاعتبار أقرب المواقيت إلى مكة أو لغير ذلك ، لا لاعتبار وجوب المرور بالميقات ،
ورواه في كشف اللثام « ثم بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي يأخذونه
فليكن إحرامه من مسيرة ستة أميال ، فيكون بحذاء الشجرة من البيداء » نعم قد يقال
إن المتجه اعتبار العلم بالمحاذاة ، لكن صرحوا بكفاية الظن ، ولعله للحرج والأصل
وانسياق إرادة الظن في أمثال ذلك بل لا يبعد الاجتزاء به لو تبين فساد ظنه لقاعدة
الإجزاء ، نعم لو تبين فساد ظنه بتقدم الإحرام على محل المحاذاة وكان لم يتجاوزه
أعاد حينئذ ، لكن أطلق في
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٧ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢.