وكيف كان فظاهرها
كمقاعد أكثر الإجماعات تحقق الوجوب بمجرد البذل من غير فرق بين كونه على وجه
التمليك أم لا ، ولا بين كونه واجبا بنذر وشبهه أم لا ، ولا بين كون الباذل موثوقا
به أم لا ، ولا بين بذل عين الزاد والراحلة وبين أثمانهما ، لكن عن ابن إدريس
اعتبار التمليك في الوجوب ومرجعه إلى عدم الوجوب بالبذل بناء على عدم وجوب القبول
المقتضي للتمليك ، لأنه اكتساب فلا يجب ، ومن هنا في المختلف بعد أن حكى ذلك عنه
قال : « إن فتاوى أصحابنا خالية عنه ، وكذا الروايات ، بل لو وهب المال لم يجب
القبول » قلت : اللهم إلا أن يلتزم وجوب القبول في خصوص المقام ، وكذا الكلام فيما
ذكره في التذكرة فإنه بعد أن حكى كلامه قال : « التحقيق هنا أن البحث هنا في أمرين
: الأول هل يجب على الباذل بالبذل الشيء المبذول له أم لا ، فان قلنا بالوجوب
أمكن وجوب الحج على المبذول له ، لكن في إيجاب المبذول بالبذل إشكال ، أقربه عدم
الوجوب ، وإن قلنا بعدم وجوبه ففي أجاب الحج إشكال ، أقربه العدم ، لما فيه من تعليق
الواجب بغير الواجب » بل هو أوضح في رجوعه إلى عدم الوجوب بالبذل ، بل هو غير قابل
لما ذكرناه من الاحتمال ، وحينئذ يكون مخالفا للنص والفتوى ومعاقد الإجماعات ، بل
وكذا ما في الدروس ، قال : « ويكفي البذل في الوجوب مع التمليك أو الوثوق به ، وهل
يستقر الوجوب بمجرد البذل من غير قبول؟ إشكال ، من ظاهر النقل ، وعدم وجوب تحصيل
الشرط ، ولو حج كذلك أو في نفقة غيره أجزأ بخلاف ما لو تسكع ، فإنه لا يجزي عندنا
، وفيه دلالة على أن الاجزاء فرع الوجوب ، فيقوى الوجوب بمجرد البذل لتحقق الاجزاء
، إلا أن يقال الوجوب هنا لقبول البذل ، ولو وهبه زاد أو راحلة لم يجب عليه القبول
، وفي الفرق نظر ، وابن إدريس قال : لا يجب الحج بالبذل حتى يملكه المبذول ، وجنح
اليه الفاضل » بل في حاشيته في الهامش على قوله :