العبادة كالخياطة
وشبهها إلا ما لا بد منه ، بل عن ابن إدريس التعدي إلى كل مباح لا يحتاج اليه ،
وإن كان لا يخفى عليك ما فيه بل وما في سابقه حتى إلحاق الصلح والإجارة ونحوهما
بذلك ، وإن كان وجه القياس فيها واضحا ، إلا أنه محرم عندنا على كل حال ،
فالاقتصار عليهما حينئذ هو الوجه ، بل الظاهر استثناء ما تمس الحاجة إليه مما يضطر
اليه من مأكوله ومشروبه ونحوهما ، وإن كان مما ينبغي تقييد ذلك بما إذا تعذر
التوكيل والنقل بغير البيع ، لعدم الضرورة حينئذ ، وإلى ذلك أومأ الشهيد في الجملة
حيث قيده بما إذا تعذر المعاطاة ، لكنه مبني على أنها ليست بيعا ، وهو خلاف
التحقيق ، والأمر سهل ، وعلى كل حال ففي بطلان البيع وصحته لو وقع وجهان بل قولان
كالبيع وقت النداء ، أقواهما الصحة لعدم انصراف الذهن إلى إرادة الفساد من النهي
عنه في أمثال ذلك ، والله أعلم.
وكذا يحرم
المماراة بلا خلاف أجده ، للصحيح المزبور [١] وفي المسالك المراد بها هنا المجادلة على أمر دنيوي أو
ديني لمجرد إثبات الغلبة والفضيلة ، كما يتفق لكثير من المتسمين بالعلم ، وهذا
النوع محرم في غير الاعتكاف وقد ورد التأكيد في تحريمه في النصوص [٢] وإدخاله في
محرمات الاعتكاف إما بسبب عموم مفهومه ، أو لزيادة تحريمه في هذه العبادة كما ورد [٣] تحريم الكذب على
الله ورسوله في الصيام ، وعلى القول بفساد الاعتكاف بكل ما حرم فيه تتضح فائدته ،
ولو كان الغرض من الجدال في المسألة العلمية مجرد إظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ
كان من أفضل الطاعات ، فالمائز بين ما يحرم منه وما يجب ويحرم
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٠ ـ من كتاب الاعتكاف ـ الحديث ١.