لا مقتضي لها ، بل
منافية لنفي الحرج في الدين ، وإرادة الله بالناس اليسر دون العسر ، وسهولة الملة
وسماحتها ، نعم يعتبر فيه كونه خوفا معتدا به لا نحو الناشئ من الأوهام السوداوية
، وكذا الكلام في غير المقام المشترك معه في كون المدرك حسن التجنب عن كل ما فيه
خوف ، بل ربما كانت النفوس مجبولة عليه من غير اعتبار للظن ، بل ربما لا يمكن
حصوله في كثير من المقامات ، كما هو واضح ، والله العالم.
وعلى كل حال فإذا
بان عدم الضرر لم يكن عليه إثم في إفطاره لتعبده بظنه انما الكلام في الصحة لو صام
بزعم عدم الضرر فبان خلافه ، فيحتمل عدمها ، لعدم الأمر له في الواقع به وإن تخيل
هو الأمر ، ضرورة كونه حينئذ كالحائض التي لم تعلم بحيضها ، والمسافر الذي لم يعلم
بسفره ، ودعوى ان الفساد هنا للنهي عن التغرير بالنفس مثلا ، وليس في الفرض ،
لتخيل عدم الضرر ، يدفعها منع كون الفساد لذلك ، بل لظهور أدلة المقام في إخراج
هذا الموضوع عن الأوامر بل وإدخاله في المنفي عنه الصوم واقعا ، ويحتمل الصحة ،
لتعليق الحكم في صحيح حريز [١] على الخوف المفروض انتفاؤه ، فيكون حينئذ مأمورا ، والأمر
يقتضي الاجزاء ، وتعليقه في غيره على الضرر المنصرف إلى الواقع لا يجدي بعد الصحيح
المزبور الذي هو بمنزلة المقيد له ، ويكون الحاصل حينئذ من المجموع انه إذا خاف
الضرر وجب الإفطار عليه ، ولعل ذا لا يخلو من قوة.
وكيف كان فقد ظهر
لك أن المدار في الإفطار على خوف الضرر من غير فرق بين المريض والصحيح في ذلك ،
لإطلاق قوله عليهالسلام[٢] : « كل ما أضر به
الصوم فالإفطار له واجب » ولأنه المناسب لمقتضى سهولة الملة وسماحتها ، وإرادة
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٩ ـ من أبواب من يصح منه الصوم ـ الحديث ١.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٠ ـ من أبواب من يصح منه الصوم ـ الحديث ٢.