الشرط الثالث الغني ، فلا تجب على الفقير للأصل
والإجماع بقسميه الذي لا يقدح في المحكي منه خلاف الإسكافي ، حيث أوجبها على من
فضل على مئونته ومئونة عياله ليومه وليلته صاع ، فضلا عن المحصل منه ، وإن حكاه في
الخلاف عن كثير من علمائنا ، إلا أنا لم نتحققه ، بل المتحقق خلافه ، ويمكن حمله
على ذي الكسب الذي يكسب في كل يوم مئونته ومئونة عياله ، واعتبار زيادة الصاع
حينئذ مبني على ما تسمعه إن شاء الله من المصنف والفاضل من اعتبار زيادة مقدار
الفطرة على قوت السنة في وجوبها على الغني ، أو على اعتبار ذلك في خصوص المكتسب
كما صرح به في الدروس حيث قال : « ويجب على المكتسب قوت سنته إذا فضل عنه صاع »
ولئن أبى كلامه ذلك فلا ريب في ضعفه ، بل لم نجد له دليلا يدل عليه صريحا ، مضافا
إلى عدم معلومية كون المراد حينئذ وجوب الفطرة تماما وإن زادت على الصاع ، بل ربما
تزيد على ما عنده من قوت اليوم والليلة ، أو أنه يكتفي بإخراج الصاع عنه وعن عياله
ولو بأن يديره عليهم لكن قد يمنع الإرادة إيسار بعض العيال ، أو بغير ذلك.
وبذلك يظهر لك
زيادة ضعفه مضافا إلى المعتبرة المستفيضة الدالة على خلافه ، ففي الصحيح [١] عن الحلبي أنه «
سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن الرجل يأخذ من الزكاة عليه صدقة الفطرة قال : لا » المعلوم
كون المراد منه أخذ الزكاة من حيث الفقر والمسكنة ، لأنه الأصل في مصرف الزكاة ،
فكان هو المنساق ، وفي الصحيح عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار [٢] « قلت لأبي
إبراهيم عليهالسلام : على الرجل المحتاج صدقة
الفطرة قال : ليس عليه فطرة » ونحوه خبر إسحاق
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢ ـ من أبواب زكاة الفطرة ـ الحديث ١.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٢ ـ من أبواب زكاة الفطرة ـ الحديث ٦.