القول الآخر ،
والمتجه عليه اعتبار عدم المستحق وعدم التمكن من غيره من المصارف حتى سهم سبيل
الله الذي عرفت سعته ، وحينئذ يندر فرضه ندرة لا تليق بتنزيل النصوص عليها ، اللهم
إلا أن يدعى الاكتفاء في جوازه بمجرد عدم وجود المستحق وإن تمكن من باقي المصارف ،
استنادا إلى ظاهر بعض النصوص [١] وإلى كونه المعظم في المصرف ، بل ربما قيل : إن الزكاة لهم
كما تفضي به نصوص المشروعية [٢] وإن جاز صرفها في باقي المصارف ، وربما يؤيد ذلك استفاضة
عبارات الأصحاب في الاقتصار على اعتبار عدم المستحق خاصة في العزل وفي الضمان وفي
النقل وغير ذلك ، لكن الانصاف عدم خلوه عن البحث والنظر ، ولم أجد من تصدى لتحريره
، والله أعلم.
وكيف كان فـ ( لو
أدركته الوفاة أوصى بها وجوبا ) على وجه تثبت به شرعا كغيرها من الأمانات والديون
بلا خلاف أجده ، بل في المدارك لا ريب فيه ، لتوقف الواجب عليه ، ولعموم الأمر
بالوصية ، ولكونه كالخائن والمفرط بدون ذلك ، بل أوجب الشهيد في الدروس العزل مع
ذلك ، ولعله لكونها كالدين الذي قد غاب صاحبه غيبة منقطعة ، وقد استوفينا الكلام
على ذلك في محله ، فلاحظ وتأمل فإن له نفعا في المقام ، ولو كان الورثة محاويج جاز
احتسابها عليهم وإن كانوا ممن تجب نفقتهم على المورث ، لانقطاع الوجوب عنه بالموت
، إلا أنه يستحب دفع شيء منها لغيرهم ، قال علي بن يقطين [٣] في الصحيح : «
قلت لأبي الحسن الأول عليهالسلام : رجل مات وعليه زكاة وأوصى أن يقضى عنه الزكاة وولده
محاويج إن دفعوها أضر بهم ذلك ضررا شديدا فقال : يخرجونها فيعودوا بها على أنفسهم
، ويخرجون منها شيئا فيدفع
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٥٢ ـ من أبواب المستحقين للزكاة.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ١٤ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٥.