حتى سهم سبيل الله
، فاعترض عليهم بأنه لا يعتبر فيه الملكية ، فلا وجه للمنع من الدفع اليه معللا
بعدم قابليته للملكية ، ثم حمل ما دل على المنع منه حال وجوب نفقته من نص أو معقد
إجماع على ما إذا بذلت له النفقة مطلقا ، واعترض على نفسه بأن ذلك يقتضي اتحاد هذا
الشرط أي عدم كونه من واجبي النفقة مع اشتراط الفقر والتزم به ، وقال : إنه إلى
الآن لم يظهر لي فرق بين الشرطين ، فجوز الدفع إلى واجبي النفقة من المالك وغيره
مع الفقر ، وهو من غرائب الكلام ، بل لا يكاد أن يرجع إلى محصل ، وفرق واضح بين
الشرطين كوضوح الثمرة المترتبة على كل منهما ، كما لا يخفى على من أحاط خبرا بما
ذكرنا ، وكيف كان فمن المعلوم أن منع المالك من دفع الزكاة لمن وجبت نفقته عليه
إنما هو من سهم الفقراء لا مطلقا ، أما إذا دخلوا تحت مستحقي باقي السهام فلا خلاف
معتد به ، كما لا إشكال في جواز الدفع إليهم من المالك وغيره ، لعموم الأدلة
السالم عن المعارض بعد تنزيل النصوص السابقة على الدفع من سهم الفقراء.
وحينئذ فـ ( لو
كان من تجب نفقته عاملا جاز أن يأخذ ) من الزكاة ، وكذا الغازي والغارم والمكاتب
وابن السبيل لكن يأخذ هذا ما زاد عن نفقته الأصلية مما يحتاج إليه في سفره
كالحمولة لما عرفت من وجوب الأصلية أي نفقة الحضر ، فلا يدفعها المالك له زكاة ،
بخلاف الزيادة فإنها ليست واجبة عليه ، وقد صرحت النصوص [١] بفك رقبة الأب من
الزكاة وأنه خير رقبة وبوفاء دين الأب وأنه أحق من غيره بذلك ، فما عن ابن الجنيد
من عدم جواز دفع السيد إلى مكاتبه من زكاته ليفك بها رقبته واضح الضعف ، وأضعف منه
تعليله بعود النفع إليه ، إذ فيه أنه لا دليل على منع ذلك ما لم يستلزم عدم كونه
إيتاء ونحوه مما ينافي ما دل على اعتباره في الزكاة ، كما هو واضح ، والله أعلم.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٨ و ١٩ ـ من أبواب المستحقين للزكاة.