إن لم يجز وفاؤه
من سهم الغارمين لم يجز من سهم الفقراء وإن تاب ، لأن الدين لا يدخل في سهم
الفقراء ، وإلا لم يكن الغرم قسيما للفقر ، بل قسما منه ، بل إما أن تكون التوبة
مسوغة للدفع اليه من سهم الغارمين أو سهم سبيل الله ، وإما أن لا يجوز الدفع لوفاء
دين المعصية مطلقا ، وقد لزم من ذلك احتمالات : عدم الجواز مطلقا اعتبارا بالمعصية
المانعة ، ذكره العلامة حكاية ، والجواز مع التوبة من سهم الفقراء ، وهو الذي
اختاره الشيخ ، وتبعه عليه جماعة ، والجواز معها من سهم سبيل الله ، وهو متوجه ،
ويمكن حل الإشكال بأن الفقير وإن لم يعط بسبب الفقر إلا قوت السنة لكن إذا دفع
اليه ذلك ملكه وجاز له صرفه حيث شاء ، فيجوز له صرفه في الدين ، مع أن إعطاء قوت
الزائد على قوت السنة إنما هو ممنوع تدريجا ، أما دفعة فلا ، نعم لو لم يكن فقيرا
بأن كان مالكا لقوت سنته لم يتوجه على ذلك إعطاؤه من سهم الفقراء لعدم الفقر ، ولا
من سهم الغارمين لانفاقه في المعصية ، فيجب أن يقيد كلام المصنف في جواز إعطائه من
سهم الفقراء بكونه فقيرا » ولعلك إذا أحطت خبرا بما ذكرنا لا يخفى عليك محال النظر
من كلامه ، بل قد يقال : إنه بناء على ما قدمنا من تحقق الفقر بالغرم لا حاجة إلى
تقييد كلام المصنف بما ذكره ، فإنه يعطى المالك لقوت سنته من حيث الفقر بسبب ما
عليه من الدين وإن كان قد صرفه في معصية لكن بشرط التوبة بناء على ما عرفت ، فان
دين المعصية وإن كان لا يقضى من سهم الغارمين لكنه يؤثر في الغارم صفة الفقر ،
فيعطى من هذه الجهة ، فتأمل جيدا فإنه دقيق.
وكيف كان فـ ( لو
جهل فيما ذا أنفقه قيل ) والقائل الشيخ في المحكي عن نهايته يمنع وربما مال إليه
أول الشهيدين لخبر محمد بن سليمان [١] المتقدم آنفا ،
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٩ ـ من أبواب الدين والقرض ـ الحديث ٣ من كتاب التجارة.