لكن الانصاف مع
هذا كله عدم خلو المسألة عن الاشكال ، خصوصا مع ملاحظة الشهرة ، وبعض الصحاح
السابقة ، وظاهر الإجماع وما سمعته من إجماع المنتهى وفتوى من لا يعمل إلا
بالقطعيات كابن إدريس ، فالاحتياط الذي هو ساحل بحر الهلكة لا ينبغي تركه ، بل لعل
التأمل في نصوص العنب يقضي بأن محل الزكاة ذوات الأمور المذكورة لا أحوالها
المقارنة للأسماء ، فلا يقدح حينئذ عدم التسمية زبيبا وحنطة وشعيرا وتمرا ، ولا
ينافي ذلك اعتبار بدو الصلاح بالاحمرار والاصفرار مثلا في ثمرة النخل ، ضرورة عدم
الاعتناء بها قبل ذلك مع عدم الأمن من سلامتها من الآفة ، فهي حينئذ كبقائها طلعا
، وقد ظهر من ذلك أن القول المزبور مع موافقته للاحتياط لا يخلو من قوة ، هذا. ولا
ينبغي التعرض للثمرة بين القولين ، فإنها في غاية الوضوح ، والله العالم.
وكيف كان فـ ( وقت
) وجوب الإخراج الذي هو بحيث يسوغ للساعي مطالبة المالك به وإذا أخرها عنه مع
التمكن ضمن في الغلة إذا صفت ، وفي التمر بعد اخترافه واجتذاذه وفي الزبيب بعد
اقتطافه بلا خلاف أجده فيه ، بل في محكي المنتهى « اتفق العلماء كافة على أنه لا
يجب الإخراج في الحبوب إلا بعد التصفية وفي التمر إلا بعد التشميس والجفاف » وفي
التذكرة « لا يجب الإخراج حتى تجد الثمرة وتشمس وتجفف ، وتحصد الغلة وتصفي من
التبن والقشر بلا خلاف » وحينئذ فيختلف على المشهور زمان وجوب الزكاة وزمان وجوب
الإخراج ، بل وعلى غير المشهور بناء على ظاهر العبارة وغيرها ، لكن في الروضة « أن
وقت الوجوب والإخراج واحد ، وهو وقت التسمية بناء على غير المشهور ، أما عليه فهو
مغاير لوقت الإخراج » وفي المسالك والمدارك « جعل ذلك وقت الإخراج تجوز ، وإنما
وقته عند يبس الثمرة وصيرورتها تمرا أو زبيبا » ولعل مرادهما أن وقت الإخراج
التسمية لا الاقتطاف والاختراف ، فيوافق حينئذ ما سمعته من الروضة ، فلا يجوز له
الامتناع إذا طلبه