أذان مصرهم » وما
مر من المحكي عن فقه الرضا (ع) [١] بإرادة التخيير بين الأمرين.
وفيه أنه لا شاهد
عليه من نص أو غيره ، ولا ينتقل اليه من مجرد اللفظ ، إذ ظاهرهم إرادة التخيير
كخصال الكفارة لا كتخيير الحائض بالعمل بالروايات والفقيه بإحدى الأمارتين ، وهو
لو سلم الانتقال اليه من الخبرين ففي التكليف بالضدين ونحوه كصل عند الزوال ركعتين
وامض إلى السوق لشراء اللحم عنده ولو بملاحظة تعذر الجمع بينهما مع حكمة المكلف ،
لا في مثل المقام المساق لبيان ذكر علامة بلوغ الحد الموجب للتقصير الذي لا مانع
فيه عقلا من كون العلامة فيه مجموع الأمرين ، بل لعله الظاهر هنا جعلا لكل من
الواقعين بعد أداة الشرط شرطا أصوليا ، كما يؤيده استقراء أمثاله مما جاء في بيان
الشرائط للعبادات أو المعاملات ، وظهور أداة الشرط في التسبيب بعد تسليمه انما هو
إذا اتحدت لا مع التعدد كما في المقام ،
ودعوى كون المفهوم
منها في الثاني أن السبب أحد الأمرين أو الأمور لا المجموع ـ إذ التعارض بينهما في
خصوص اقتضاء العدم عند العدم ، فيتقيد حينئذ سببية عدم كل منهما للعدم بوجود الآخر
، أما تسبيب وجود كل منهما للوجود فيبقى على حاله لعدم التعارض فيه ، كتسبيب عدم
كل منهما للعدم في غير محل وجود الآخر ، لعدم التعارض فيه أيضا ـ يدفعها أن ذلك
حينئذ ليس من التخيير المحكي في الرياض وكتاب المقدس البغدادي عنهم ، قال في
الثاني عند بيان مدرك ما ذكروه من الجمع المزبور : « إن الشارع جعل للترخص سببين ،
فبأيهما أخذ امتثل » ولذا اعترض عليهم الأستاذ الأكبر على ما حكي عنه زيادة على ما
عرفت بأن استقلال كل منهما بالسببية مستلزم للمحال ، وهو التكليف بالشيء ونقيضه
حيث يسمع الأذان ولا يرى الجدران أو بالعكس ، وربما أجيب بأنه لا تناقض أصلا ، لأن
العمل على ما سبق منهما ، ورده المقدس البغدادي ـ بل جعله
[١] المستدرك ـ الباب
ـ ٤ و ٥ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ١.