والمناقشة في جميع
ما ذكرنا أو أكثره بأنها وإن كانت هي الملكة لكن الطريق إليها حسن الظاهر يدفعها
وضوح منعها إن أريد حصول الاطمئنان من الطريق المزبور بحصولها ، لما عرفت من أن
حسن الظاهر باستقراء بعض أحوال الشخص لا يفيد الاطمئنان بحصول الملكة في الجميع بل
البعض ، ورجوع النزاع لفظيا إن أريد كونه طريقا تعبديا ، ولا فائدة حينئذ في ذكرها
واشتراطها ، بل فيه إيهام خلاف المراد.
كالمناقشة فيه
أيضا بأن قضية كونها حسن الظاهر عدم انقداحها بوقوع الكبيرة تسترا ، ولعله الظاهر
من بعضهم حيث قال : إن العادل هو الذي يستر عيوبه حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما
وراء ذلك من عثراته وعيوبه ، لا أنه الذي يكون لا عيب له ولا عثرة ، نعم لا بد أن
لا يظهر منه ذلك ، فحينئذ إذا صدر منه باطنا يجب إخفاؤه بحيث لو أظهره مظهر يصير
فاسقا ، لحرمة الغيبة وإشاعة الفاحشة ووجوب ستر العورة ، مضافا إلى حرمة التجسس ،
قال الله تعالى [١]( وَلا تَجَسَّسُوا
وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) وقال [٢]( الَّذِينَ يُحِبُّونَ
) إلى آخره ، والأخبار الدالة على التحريم وشدة الحرمة والعقوبات الشديدة
متواترة ، مضافا إلى إجماع المسلمين بل بداهة الدين ، فحينئذ إذا صدر من أحد ذلك
وجب الحكم بتفسيقه ، وهو ظاهر في أن حسن الظاهر لا يقدح فيه وقوع الكبيرة باطنا
متسترا بحيث يحرم على أحد أن يخبر عنه بذلك ، فينبغي أن يكون عدلا عند هذا المطلع
فضلا عن غيره ، لعدم انقداح حسن الظاهر.
بل قضيته عدم ثبوت
الجرح أبدا ، وإلا ينفي حسن الظاهر ، وحينئذ يكون من باب التعارض بينه وبين المعدل
، فلا معنى لتقديم قوله على قول المعدل ، وأيضا لو كان ذلك قدحا في حسن الظاهر لم
يكن لإعادة ذلك بصدور التوبة منه معنى.