من هو خلف الإمام
أو إلى جانبه محتجا بأن موقف المأموم خلف الإمام أو إلى جانبه ، وهو إنما يحصل في
جهة واحدة ، فصلاة من غايرها باطلة ، وبأن المأموم مع الاستدارة إذا لم يكن واقفا
في جهة الإمام يكون واقفا بين يديه ، فتبطل صلاته.
وإن كان قد يناقش
أولا بالإجماع الذي سمعته في الذكرى ، وثانيا بإمكان دعوى صدق الخلف والجانب ، إذ
هما بالنسبة إلى كل واحد بحسبه ولو بملاحظة الدائرة البركالية ولعله محافظة على
ذلك اعتبر المجوزون عدم أقربية المأموم إلى الكعبة من الامام ، بل ينبغي على مختار
الحلي من اعتبار تقدم الامام اشتراط أقربية الإمام إلى الكعبة ، لكن قد يشكل بأنه
لا تلازم بين كون المأموم خلفا أو جانبا بحسب الدائرة البركالية وبين عدم أقربيته
إلى الكعبة من الامام ، ضرورة زيادة جوانب الكعبة فقد يكون قريبا جدا إليها وإن
كان هو خلفا بحسب الدائرة كما هو واضح ، وثالثا بإمكان منع اعتبار الخلف والجانب
في الجماعة ، نعم يعتبر عدم تقدم المأموم مثلا على الامام وإن كان ذلك يلزمه حيث
يكون الاستقبال إلى الجهة الخلف أو الجانب ، ولعل اعتبارهما في كثير من الأخبار
مبني على الغالب ، ولا ريب في عدم صدق التقدم في الكيفية المفروضة ، إلا أن المتجه
على هذا التقدير سقوط الشرط المزبور أي عدم كون المأموم أقرب مطلقا ، بل يكتفى
حينئذ بعدم صدق التقدم ، وكيف كان فالأقوى صحة الجماعة مع الاستدارة ، والأحوط عدم
أقربية المأموم فيها إلى الكعبة بحسب الدائرة ، وأحوط منه ملاحظة الكعبة مع ذلك ،
وأحوط منه أقربية الامام إليها دائرة وعينا ، والله أعلم.
ولا بد في صحة
الجماعة للمأموم وجريان أحكامها عليه من نية الائتمام بلا خلاف نقلا وتحصيلا ، بل
هو مجمع عليه كذلك ، بل في المنتهى أنه قول كل من يحفظ عنه العلم ، إذ من أصول
المذهب وقواعده توقف العبادات على النيات ، فلو لم ينوه حينئذ كان منفردا كما صرح
به غير واحد من الأصحاب كالفاضل في التذكرة والشهيدين