بل والصف الثاني
الزائد على الصف الأول بحيث لا يشاهدون الأول في جهة الإمام ، بل وبطلان صلاة من
وقف بين الأساطين إذا كان لا يشاهد المأمومين إلا من الجانبين أو أحدهما دون جهة
الإمام ، مع أن صحيح الحلبي [١] دل على أنه لا بأس بالصلاة بين الأساطين ، إلى أن قال :
وبالجملة فما ذكره من الأوهام البعيدة والتشكيكات الغير السديدة.
قلت : لا ريب في
ظهور الصحيح المزبور بقصر الصحة على خصوص من كان بحيال الباب من الصف وحصرها ،
ودعوى إرادة الإضافي من ذلك بالنسبة إلى الصف السابق على هذا الصف كما في المدارك
تهجم من غير شاهد ولا مقتض ، كدعوى إرادة الصف الذي بحيال الباب لانصباب الصحيح
جميعه على ذلك كما في الحدائق ، ضرورة كون بعض الصف حيال الباب ، بل الواحد منه في
الحقيقة ، فوصف جميعه بذلك باعتبار هذا البعض لا شاهد له أيضا ولا مقتض ، بل لفظ «
من » فيه بعد ذكر الصف كالصريح بخلافه ، لظهور إرادة من كان بحيال الباب من الصف ،
كما هو واضح ودعوى استلزام ذلك بطلان صلاة طرفي الصف الأول كما سمعت يدفعها منع
كون منشأ البطلان فيما ذكرنا عدم تحقق المشاهدة الإمامية كي يستلزم ذلك ، بل هو
وجود الحائل والحاجز المفقود في الصف الأول ، إذ ليس في شيء من الأدلة اشتراط
المشاهدة للإمام أو لمشاهدة ولو بوسائط حتى يكون المسألتان من واد واحد ، بل قصارى
ما يستفاد من الصحيح بطلان الصلاة مع تحقق السترة أو الجدار ، وهذا مفقود بالنسبة
إلى الصف الأول أو الثاني بالغا ما بلغ في الطول ، فاتضح الفرق بين المسألتين.
وأما بطلان صلاة
الواقف بين الأساطين فمع فرض صيرورتها حائلا بين الامام والمأموم أو بين الصفين
ولو بالنسبة إلى البعض فلا استنكار فيه ، بل هو من المسألة حتى لو كان متصلا
بمشاهد ، المشاهد لصدق السترة والجدار ، وتصريح بعض الأصحاب بأنه
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٥٩ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٢.