يعارضهما أصل صحة
الصلاة ، فإنهما واردان عليه ومخصصان له ، ولأن الركعة من الحقائق الشرعية التي
ضابطها ومرجعها إلى عرف المتشرعة ، والمتبادر منها فيه ما عرفت من مجموع الأفعال
إلى الرفع ، فتكون كذلك شرعا ، ولعموم الأمر بإعادة الصلاة بالشك بين الثنتين
والثلاث والثنتين والأربع ، بل بمطلق الشك المتعلق بالثنتين ، كما يستفاد من حصر
الصحة في بعض المعتبرة [١] في الشك بين الثلاث والأربع ، خرج عنه الشك بعد الرفع ،
فيبقى غيره.
وأيضا فأجزاء
الصلاة تختلف باعتبار الانتهاء والكمال ، فالأقوال منها كالقراءة والذكر والدعاء
تنتهي بنفسها ، ولا يتوقف إكمالها على الدخول في غيرها بخلاف الأفعال ، فإن
الإكمال فيها لا يحصل إلا بالانتقال إلى فعل آخر ، فالقائم قائم ما لم يركع ،
والراكع راكع ما لم يرفع ، وكذا الساجد ، فان السجود فعل واحد ممتد لا يتحقق
الفراغ منه إلا بالرفع ، سواء في ذلك السجدة الأولى والثانية ، والقدر الزائد منه
على الذكر الواجب وهو المتصل بالرفع جزء من السجود ، غاية الأمر عدم اتصافه
بالوجوب بناء على جواز اختلاف أجزاء الفعل الواحد المتصل باختلاف ما يقع فيه
كالقيام ، فإنه إنما يقتضي جواز تركه لا عدم توقفه على الرفع على تقدير وجوده كما
هو المفروض ، ويمتاز الرفع عن سائر الأفعال بعدم توقف إكماله على الدخول في غيره ،
لكونه من الأفعال المنقضية الغير الباقية ، فجاز من هذا الوجه دخوله في الركعة
وانتهائها به ، ولا يلزم من توقف إكمال السجود عليه توقفه على شيء آخر ، كما أنه
لا ينافي خروج الرفع عن حقيقة السجود والركوع توقف إكمالهما عليه ، بل لا بأس بعده
من واجباتهما بهذا الاعتبار ، لتوقف الامتثال على الإكمال المتوقف عليه ، ولا يلزم
من ذلك عد الركوع من واجبات القيام وإن أمكن بالاعتبار المذكور ، لأن الأمور
الاعتبارية لا يلزم فيها الاطراد ، على أن
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ـ الحديث ٣.