وعلى كل حال فـ (
إذا اقتدى النساء بالرجل وقفن خلفه ) بالأولى لمطلوبية الستر ، ولأن الجنازة أولى
من المكتوبة التي ينبغي تأخرهن عنه فيها وإن كان وراءه رجال وقفن خلفهم بلا خلاف ،
بل في المدارك لا ريب فيه لتأخر رتبتهن ، ولأنه أبلغ في الستر وأبعد عن الافتتان
بهن والاشتغال بتصورهن ، وفي خبر السكوني [١] عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : خير الصفوف في الصلاة المقدم ، وخير الصفوف في الجنائز
المؤخر ، قيل : يا رسول الله ولم؟ قال : صار سترة للنساء » واليه أشار في الفقيه
فقال : وأفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير ، والعلة في ذلك أن النساء
كن يختلطن بالرجال في الصلاة على الميت الصف الأخير ، والعلة في ذلك أن النساء كن
يختلطن بالرجال في الصلاة على الجنائز فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير فتأخرن
إلى الصف الأخير فبقي فضله على ما ذكره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومراده كما في وافي الكاشاني « أن النساء إنما يختلطن
بالرجال في الجنائز طلبا لفضل الصف المتقدم من صفوفهن المتأخرة ، فيقفن خلف الرجال
متصلات بهم ، فنهين عن ذلك بتفضيل الصف الأخير من صفوفهن على الأول منها ، وأما في
الصلوات المكتوبة فللزوم تأخرهن عنهم هنالك بمقدار مساقط أجسامهن أو أكثر لم يحصل
الاختلاط المحذور منه ، وأما طلب الرجال التأخر بعد شرعيته هنا فلا مفسدة فيه ،
لأنهن كن خلفهم لا يرونهن ، وأما تقدمهم على النساء في الصلاتين فكان من الأمور
المعهودة عندهم ، وكانوا يعلمون ذلك ، وإنما كان فضيلة تأخرهم بالإضافة إلى أنفسهم
دون النساء ، لتقدم الرجال على النساء على كل حال ، إذا عرفت هذا فمعنى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « صار سترة للنساء » أن الصف المتأخر أنما فضل على
المتقدم لتطلب النساء التأخر فالتأخر ، فيكون أبعد من الرجال ، فيكن مستورات عنهم
بصفوفهن المتقدمة ، ثم لما شرع لهذه المصلحة بقي حكمه إلى يوم
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٩ ـ من أبواب صلاة الجنازة ـ الحديث ١ من كتاب الطهارة.