بينهما بالفرق بين
التفؤل والاستخارة ، فإن التفؤل إنما يكون فيما سيقع ويتبين الأمر فيه كشفاء
المريض أو موته ووجدان الضالة وعدمه ، ومآله إلى تعجيل تعرف ما في علم الغيب ، وقد
ورد النهي عنه وعن الحكم فيه بتة لغير أهله ، وكره النظر في مثله ، بخلاف
الاستخارة فإنها طلب لمعرفة الرشد في الأمر الذي يراد فعله أو تركه ، وتفويض الأمر
إلى الله تعالى في التعيين واستشارته ، كما
قال عليهالسلام[١] : « تشاور ربك » وبين الأمرين فرق واضح ، وإنما منع التفؤل
بالقرآن وإن جاز بغيره إذا لم يحكم بوقوع الأمر على البت ، لأنه إذا تفأل بغير
القرآن ثم تبين خلافه فلا بأس ، بخلاف ما إذا تفأل بالقرآن ثم تبين خلافه ، فإنه
يقضي إلى إساءة الظن بالقرآن ، ولا يتأتى ذلك في الاستخارة ، لبقاء الإبهام فيه
بعد وإن ظهر السوء ، لأن العبد لا يعرف خيره من شره قال الله [٢]( عَسى أَنْ
تَكْرَهُوا شَيْئاً ) الآية ، وفيه أنه بناء على صحة الخبر المزبور يبعد حمله
على ذلك ، لأن التفؤل إن لم يكن هو أقرب إلى موضوع الاستخارة من تعرف علم الغيب
فهو بالنسبة إليهما على حد سواء ، لصدقه على كل منهما.
نعم يسهل الخطب
عدم صحة الخبر المزبور ، على أنه قد يعارضه ما يحكى عن ابن طاوس في كتاب
الاستخارات من أنه ذكر للتفؤل بالقرآن بالمعنى المذكور وجوها يستبعد بل يمتنع عدم
وصول نصوص فيها اليه ، بل ظاهر بعض عباراته أو صريحها وقوفه على ذلك ، قال : «
منها أنك تصلي صلاة جعفر وتدعو بدعائها ثم تأخذ المصحف وتنوي فرج آل محمد عليهمالسلام بدء وعودا ثم
تقول : اللهم إن كان في قضائك وقدرك أن تفرج عن وليك وحجتك في خلقك في عامنا هذا
وفي شهرنا هذا فاخرج لنا آية من كتابك نستدل بها على ذلك ، ثم تعد سبع ورقات وتعد
عشرة أسطر من ظهر
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الاستخارة ـ الحديث ٢.