محل خلاف ولا توقف
» قلت : « كما أنه لا ينبغي أن يكون محل خلاف وتوقف ما فرضناه من إشباع الحركات
حتى يتولد حروف ، بل وكذا لا ينبغي التوقف في البطلان بحكاية صوت التنحنح والنفخ
والأنين والتأوه ونحوها ، ضرورة كونها ألفاظا موضوعة للدلالة على الأصوات المزبورة
إلا أنها كان النطق بها مناسبا لمسماها.
نعم في المعتبر ـ بعد
أن حكى عن الشيخ البطلان بالنفخ بحرفين والأنين والتأوه بهما ـ قال : « وقال أبو
حنيفة : إن التأوه للخوف من الله تعالى عند ذكر المخوفات لا يبطلها ولو كان بحرفين
، ويبطلها لو كان لغير ذلك كالألم يجده » ثم إنه بعد أن ذكر الاستدلال على البطلان
بتعمد الكلام وخبر طلحة [١] قال : « وتفصيل أبي حنيفة حسن ، وقد نقل عن كثير من
الصلحاء التأوه في الصلاة ، ووصف إبراهيم عليهالسلام بذلك [٢] يؤذن بجوازه » قلت : ولا مكان دعوى انصراف أدلة الكلام
لغيره لا أقل من الشك ، فيبقى على أصالة عدم المانعية بناء على التحقيق في جريانها
، مضافا إلى إطلاق ما دل [٣] على أن « كل ما ناجيت به الله فهو ليس بكلام » ونحوه مما
يمكن ظهوره ولو فحوى في تناول مثل ذلك ، بل لعله من المناجاة كما يشعر به وقوعه في
مناجاة زين العابدين عليهالسلام وغيرها ، وعدم ذكر المتعلق به كمن ذنوبي ونحوه لا ينافيه ،
فتأمل.أما الأصوات نفسها فلا بطلان بها ، لعدم عدها حروفا عرفا وإن شابهتها في
الصورة كقاش ماش خاق باق ونحوهما ، وهذا التفصيل مع أنه الصحيح الموافق للنظر بعد
التأمل ينطبق عليه سائر كلمات الأصحاب إلا بعض متأخري المتأخرين ممن لم يفرق بين
المقامين ، فساوى بين الاسم والمسمى لتقاربهما في الصورة ، مع أنه لا ريب في أن
الأول
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة ـ الحديث ٤.