السفر يوم الجمعة
بعد الزوال آت هنا ، قلت : قد سمعته وسمعت ما فيه هناك ، فلاحظ ولا تغفل ، كما أن
إطلاق المحكي عن المبسوط وجامع الشرائع الكراهة بعد الفجر يجب تنزيله على ما قبل
طلوع الشمس لما عرفت ، ولو كان قبل طلوع الفجر جاز قطعا ، وعن النهاية والتذكرة
إجماعا للأصل بلا معارض إلا إذا كان ممن يجب عليه السعي قبل الفجر وسافر في وقت
تضيق الخطاب به ، فان القول بالمنع لا يخلو من وجه ، بل في المحكي عن نهاية
الأحكام أن من كان بينه وبين العيد ما يحتاج معه إلى السعي قبل طلوع الشمس ففي
تسويغ السفر له نظر ، أقربه المنع ، بل عن الموجز وكشفه الجزم بالمنع من غير تردد
ومثله آت فيما قلناه ، إذ لا فرق في ذلك بين طلوع الفجر وطلوع الشمس بعد اشتراكهما
في الجواز لمن لا يجب عليه السعي ، وعلى كل حال فـ في جواز خروجه أي المكلف
بالصلاة بعد الفجر وقبل طلوعها أي الشمس تردد ينشأ من الأصل ، لعدم تعلق الوجوب
بعدم حصول سببه ، ومن صحيح أبي بصير المرادي [١] « إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت بالبلد
فلا تخرج حتى تشهد ذلك للعيد » وعدم دخول الوقت لا ينفي الوجوب بسبب آخر كالصحيح
ونحوه والأشبه الجواز لرجحان الأصل هنا على ظاهر النهي المزبور الذي يمكن إرادة
الكراهة منه هنا ، خصوصا بعد اشتهاره فيها ، وبعد معلومية مشاركة الجمعة والعيد
الثابتة من الأخبار والإجماع التي تصير قرينة على ذلك هنا بعد ما ثبت في الجمعة أن
السفر قبل النداء مكروه ، فلاحظ وتأمل ، مضافا إلى ما في الرياض من أن الظاهر
إطباق الأصحاب على عدم الحرمة ، ولعله حمل ما عن النهاية والقاضي من أنه لا يخرج
منه بعد طلوع الفجر إلا أن يشهد الصلاة على إرادة الكراهة ، كما أنه حمل ما يحكى
عن الغنية والتقي من أنه لا يجوز السفر يوم العيد قبل صلاته الواجبة ، بل في
الأولى الإجماع على إرادة بعد طلوع الشمس ، إذ لا وجوب
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٧ ـ من أبواب صلاة العيد ـ الحديث ١.