السلام ، أوصيكم
عباد الله بتقوى الله ، وأخوفكم من عقابه ، فان الله ينجي من اتقاه بمفازتهم ، لا
يمسهم السوء ولا هم يحزنون ، ويكرم من خافه ، يقيهم شر ما خافوا ، ويلقيهم نضرة
وسرورا ، وأرغبكم في كرامة الله الدائمة ، وأخوفكم عقابه الذي لا انقطاع له ولا
نجاة لمن استوجبه ، فلا تغرنكم الدنيا ولا تركنوا إليها ، فإنها دار غرور كتب الله
عليها وعلى أهلها الفناء ، فتزودوا منها الذي أكرمكم الله به من التقوى والعمل
الصالح ، فإنه لا يصل إلى الله من أعمال العباد إلا ما خلص منها ، ولا يتقبل الله
إلا من المتقين ، وقد أخبركم الله عن منازل من آمن وعمل صالحا ، وعن منازل من كفر
وعمل في غير سبيله ، وقال ( ذلِكَ يَوْمٌ
مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ ، وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ، وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاّ
لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ، يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ ،
فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ، فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ لَهُمْ
فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاّ
ما شاءَ رَبُّكَ ، إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ ، وَأَمَّا الَّذِينَ
سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ
إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ )[١] نسأل الله الذي
جمعنا لهذا الجمع أن يبارك لنا في يومنا هذا ، وأن يرحمنا جميعا ، إنه على كل شيء
قدير ، إن كتاب الله أصدق الحديث ، وأحسن القصص ، قال الله تعالى ( وَإِذا
قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )[٢] فاسمعوا طاعة
الله وأنصتوا ابتغاء رحمته ، ثم اقرأ سورة من القرآن ، وادع ربك ، وصل على النبي
وسلم ، وادع للمؤمنين والمؤمنات ثم تجلس قدر ما تمكن هنيئة ، ثم تقوم وتقول :
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ بالله من
شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل الله فلا هادي
له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده