وهو من الغرائب
وإن كان يوافقه المحكي عن ابن الجنيد من أنه لو كان أقطع الزند أوصل مكان القطع
إلى الركبة ووضعه عليها ، ولو كانت مشدودة فعل بها كذلك ، وكذا لو كان له يد من
ذراع ، ضرورة استلزامه الاكتفاء بما لا يسمى ركوعا ، أو وجوب الأقصى من أفراده
بحيث لا يجتزى بغيره وإن سمي ركوعا ، ولا ريب في وضوح بطلانه في كل منهما ،
لانصراف الإطلاق إلى الفرد الشائع المتعارف المعهود ، ولأنه هو المناسب للتحديد
المقصود به الانضباط وعدم الاختلاف ، ولا يقدح تفاوت أفراد مستوي الخلقة للتسامح
في مثله ، لكن يقوى دوران حكم كل مكلف منهم على يديه وركبتيه ، لأنه هو المنساق
إلى الذهن ، والموافق لغرض التحديد ، ولكاف الخطاب في النص ، فلا يجب على ذي الطول
منهم انحناء ذي القصر ، كما أنه لا يجتزي ذو القصر بانحناء ذي الطول مع احتماله ،
واحتمال تعين أقصى الأفراد منهم لتيقنه في البراءة ، والاجتزاء بأولها لأصالة
البراءة عن الزائد ، وتقريب حد منتزع من الأواسط لا يجوز مخالفته ، والأقوى الأول
، وعلى كل حال فالمراد وصول اليدين إلى الركبتين بالانحناء المتعارف ، وإلا فلو
انخنس بأن قوس بطنه وصدره على ظهره ، أو قوس أحد جانبيه على الآخر ، أو خفض كفيه ،
أو رفع ركبتيه فأمكن وصول كفيه إلى غير ذلك اختيارا مما يخرجه عن الاسم لم يصح ولم
يعد راكعا ، نعم إذا لم يتمكن من تمام الانحناء لعارض أتى بما تمكن منه بلا خلاف
فيه ، بل في المعتبر إجماع العلماء عليه ، وهو إن تم الدليل بعد أولويته من
الإيماء الثابت في النصوص ، وبعد فحوى ما سمعته فيمن تعذر عليه تمام القيام ، بل
ربما كانت بعض أدلته شاملة للمقام ، فلاحظ وتأمل ، لا عدم سقوط الميسور بالمعسور ونحوه
، إذ هو لا يتم إلا على تقدير كون الركوع مجموع الانحناء ، أو أن الانحناء واجب في
الصلاة ووصوله إلى حد الركوع واجب آخر ، والكل يمكن منعه ، إذ الذي يقوى في النظر
أنه مقدمة لتحصيل الركوع