للقاري بقوله ( إِنْ
كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ ) وهو مستهجن عند القراء.
وزاد في الذكرى في
الاستدلال على ذلك بأنه لا خلاف فيه بين المسلمين انما الخلاف في تأخر السجود إلى (
يَسْأَمُونَ ) فإن ابن عباس والثوري وأهل الكوفة والشافعي يذهبون اليه ،
والأول هو المشهور عند الباقين ، إلى أن قال : « فإذا ما اختاره في المعتبر لا
قائل به ، فان احتج بالفور قلنا هذا القدر لا يخل بالفور ، وإلا لزم وجوب السجدة
في باقي العزائم عند صيغة الأمر ، وحذف ما بعده من اللفظ ، ولم يقل به أحد » وهو
كما ترى صريح في أن محل السجود في غير الآية المزبورة بعد التمام ، كما أنه صريح
في أن الإجماع قد سبق المحكي عن البهائي في بعض فوائده عن بعض أصحابنا من القول
بوجوبه عند التلفظ بالسجدة ، مع أن المجلسي على سعة باعه قال بعد حكاية ذلك عنه
على ما قيل : ولم أر هذا القول في كلام غيره ، وقد صرح في الذكرى بعد القول به ،
فلعله اشتباه ، فوسوسة المحدث البحراني حينئذ في حدائقه في ذلك ـ حتى قال : إنه لا
ريب في قوة هذا القول لظهور الأخبار أن السجود عند ذكر السجدة ، والمتبادر لفظ
السجدة ، إذ الحمل على تمام الآية يحتاج إلى تقدير بأن يراد سماع آية السجدة ـ في
غير محلها ، خصوصا بعد اعترافه بأن ظاهرهم الاتفاق عليه ، ودعواه التبادر في غاية
المنع.
نعم قد يقال : إن
ذلك كله من الأصحاب لا يدل على ما نحن فيه من اعتبار قراءة تمام الآية في الوجوب ،
وأنه متى ترك بعضها وإن قل لم يجب عليه ، بل المراد بيان محلية السجود في مقابلة
من ادعى وجوبه قبل ذلك بحيث يأثم بالتأخير ، ولذا رد في جامع المقاصد والذكرى
وغيرهما بأن هذا المقدار لا ينافي الفورية ، وفي مقابلة من أخره في سورة حم إلى (
يَسْأَمُونَ ) وهي مسألة أخرى لا تنافي القول بحصول سبب وجوب السجود قبل
تمام الآية وإن كان محل السجود بعد التمام ، لعدم منافاة الفورية