مرتبة ذهاب العقل
النومي إن كانت مشتبهة لم يكشف عنها الغلبة على السمع والبصر ، ومن هنا يحصل الشك
، وما تقدم من المحافظة ليس من جهة بقاء العقل ، بل عادة بعض الناس الاستمرار في
النوم على ما كانوا عليه في حال اليقظة ، نعم يحتمل قويا كما يظهر من الأخبار [١] ان العقل والسمع
في الغلبة متلازمان ، فمتى غلب على العقل غلب على السمع ، وبالعكس بخلاف العين ،
فإنه قد يغلب عليها ولا يغلب عليهما ، بل صرحت به بعض الأخبار [٢] لكن اللائق في
التعبير حينئذ الاكتفاء بالغلبة على السمع ، أو تقديم البصر وتأخير السمع ، والأمر
سهل وإن كان الأقوى ما ذكرته أولا ، وللمحافظة على هذا الطريق صرح بعضهم ان الفاقد
لهما أي الحاستين يقدرهما ، قلت : وكذلك الفاقد لأحدهما ، إلا إذا قلنا ان مع وجود
السمع لا يحتاج الى البصر ، لكن لا يخفى ما في الإيكال الى هذا التقدير من
الاجمال.
وكيف كان فلا كلام
في ناقضية النوم ، بل الأخبار به متواترة ، كالإجماعات المنقولة البالغة كثرة الى
حد يمكن دعوى تحصيل الإجماع من نقلتها ، وما وقع من بعض القدماء من عدم عده في النواقض
، بل مع حصر النواقض فيما يخرج من الطرفين من الأشياء الخاصة ، كما عن علي بن
بابويه والمقنع والهداية ليس خلافا ، بل المقصود بالحصر إخراج بعض الأشياء ،
كالمذي والوذي والقيء والرعاف والحجامة ونحو ذلك ، بل هو الظاهر من المنقول عن
المقنع والهداية ، فلاحظ وتأمل ، وإلا فكيف يحتمل ذلك مع نقل الشيخ في التهذيب
إجماع المسلمين على الناقضية ، بل الصدوق نفسه نسبه الى دين الإمامية ، ولو كان
مخالفا أو والده لما قال ذلك ، إذ والده من رؤساء الإمامية عند سائر العلماء فضلا
عنه نفسه ، كما يظهر لمن لاحظ الفقيه من الحكم بصحة الرسالة وكونها حجة بينه وبين
ربه ، واحتمال خفاء مذهب والده عليه في غاية البعد ، بل هو في مثل هذه المسألة
ممنوع ، نعم ربما احتمل بعضهم الخلاف منه في الفقيه في بعض
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب نواقض الوضوء ـ حديث ٨.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب نواقض الوضوء ـ حديث ١.