غيره ، بل لعل
المتأمل في الروايات ـ مع كثرتها وتصريحها بنفي النقض بالقيء والرعاف ونحوهما ،
بل نسبة ذلك فيها إلى المغيرة بن سعيد ـ يكاد يقطع أن المراد بالحصر في ذلك نفي
النقض بغيرها مما تقدم ، لا أن المراد منه نفي النقض بالخارج من الثلاثة من غير
المعتاد.
لا يقال : انا لا
نحتاج في تقييد ما ذكرت الى هذه الروايات ، بل التبادر كاف فيه ، فان الآية وجميع
ما تقدم من الأخبار المطلقة تنصرف الى الفرد الشائع المتعارف ، وليس هو إلا الخروج
من المعتاد ، وهو الذي يجب إضماره فيما تقدم ، إذ ليس فيهما عموم لغوي ، لأنا نقول
( أولا ) ان هذه الندرة ليست ندرة إطلاق ، بل هي ندرة وجود ، فإنه لا ينبغي الشك
لعاقل ان الخارج من غير السبيلين خروج بول وغائط ، ( وثانيا ) انه لو نزلت هذه
الروايات على المعتاد لوجب أن لا يحكم بنقض من خلق مخرجه على غير المعتاد ، ولا
بمن انسد المعتاد منه ثم انفتح آخر ، ولا بمن أصل خلقته له مخرجان ، ولا بمثل مخرج
الخنثى والممسوح ونحو ذلك ، بل لا معنى للتفصيل بالاعتياد وعدمه ، لأن اعتياده
للخروج من غير السبيلين لا يخرجه عن كونه فردا نادرا بالنسبة إلى عامة الناس ، بل
ولا مثل من يخرج من المعتاد لأغلب الناس نادرا ، بل كل من كان مخالفا للمتعارف
بوجه من الوجوه ، وهو مما لا يرتكبه من ذاق طعم الفقاهة وعرف إشاراتهم ، واحتمال
أن المستند في البعض الإجماع المنقول ضعيف ، إذ الأصل في المستند الأخبار ، على
أنه لا يتم في الجميع ، ومما ذكرنا من الأخبار المقيدة مع الأصل حجة المشهور على
عدم النقض بغير المعتاد ، كما ان عموم الآية والحديث حجتهم على النقض مع الاعتياد
، مضافا الى قول الصادق عليهالسلام : « اللذين أنعم
الله بهما عليك » ، لتحقق النعمة بهما حينئذ ، وفيه ان الأول إن كان صالحا للتقييد
فلا معنى للاستدلال بالآية والحديث ، وان كان غير صالح فلا معنى للاستدلال بها على
عدم النقض ، بل يبقى عموم الآية حينئذ شاملا للمعتاد وغيره ، وأيضا قد يقال : ان
ذلك ليس من النعمة بل من النقمة إلا ان يراد أصل الخروج نعمة ، فيشمل النادر حينئذ
، على ان قوله : اللذين أنعم الله