حينئذ هذه
الإطلاقات انما هي مساقة لبيان أنفس ذوات الأسئار لا لعوارضها [١] مع عدم تمامه في
الأحوال الغالبة ، بل قد يقال : ان ذلك بالنسبة إليها تأخير البيان عن وقت الحاجة
مضافا الى أن الشهرة المدعاة ، بل يمكن دعوى تحصيلها جابرة لذلك ، كما نقل عن كثير
ذكر حكم الهرة إذا أكلت فأرة أو ميتة ولم تغب وباشرت الماء مع حكمهم على الماء
بالطهارة ، واحتمال ان ذلك منهم قد يكون خارجا عما نحن فيه ، لأن حكمهم بالطهارة
لعدم العلم بنجاسة الفم لا للطهارة بالزوال مع ضعفه لا يجري فيها كلها ، بل ولا في
البعض فتأمل.
وفي المدارك بعد
أن استحسن التعدية السابقة قال : للأصل ، وعدم ثبوت التعبد بغسل النجاسة عنه ، وعن
المعالم انه لو فرضنا عدم دلالة الأخبار على العموم فلا ريب ان الحكم بتوقف
الطهارة في مثلها على التطهير المعهود شرعا منفي قطعا ، والواسطة بين ذلك وبين
زوال العين يتوقف على الدليل ولا دليل ، قلت : لا ريب ان النظر في أخبار النجاسات
يقضي بثبوت قاعدتين ، الأولى أنها تنجس كل ما تلاقيه ، ومثلها المتنجسات ،
والثانية أن كل متنجس لا يطهر إلا بالغسل بالماء ، بل يكفي في الثانية الاستصحاب ،
ولو لا هما لثبت الإشكال في كثير من المقامات ، نعم قد يقال هنا من جهة الإطلاق ،
بل العموم المتقدم ، وإطلاقات الإجماعات المنقولة ، مضافا الى الشهرة بين الأصحاب
والسيرة القاطعة بين المسلمين مع عموم البلوى ، بل من غسل شيئا من الحيوانات
يحكمون أنه من المجانين : ينقدح الشك في شمول القاعدة الأولى للمقام ، فلا يحكم
بنجاسة هذه النجاسات لأبدان الحيوانات ، وتكون من قبيل البواطن ، فلا تنفعل
بملاقاة النجاسات ، بل إن كانت عين النجاسة موجودة كان الحكم مستندا إليها ، وإلا
فلا ، بل في الحقيقة يرجع الى هذا قولهم انها تطهر بزوال العين عند التأمل ، وان
[١] فإذا قال لا بأس
بسؤر الهرة فلا يستفاد منه إلا طهارة ذات الهرة ، فلا بأس من حيث كونها هرة ، ولا
تعرض فيه لما لو تنجست من خارج. ( منه رحمهالله
).