لحمه ، كما ذكره
بعضهم ، بل نسب الى جمهور الأصحاب ، بل قد يومي الى كراهته الحكم بكراهة سؤر مكروه
اللحم فتأمل ، نعم يمكن أن يقال باستثناء السنور من آكل الجيف ومما لا يؤكل لحمه ،
كما في الصحيح « أني لأستحي من الله أن أدع طعاما لأن الهر أكل منه » وللحكم
بأنها من أهل البيت كما في الصحيح الآخر [١] هذا كله إن أريد بآكل الجيف ما من شأنه كما يظهر من بعض ،
ويحتمل أن يراد به ما أكل الجيف الذي علم الآن أنه أكل جيفة ، ثم شرب من الماء
مثلا ، والثاني هو الظاهر من عبارة المنتهى ، بل هو صريحها.
هذا كله إذا خلا
موضع الملاقاة من عين النجاسة أو المتنجس ، وإلا فينجس الماء ، لكن ظاهر المصنف
أنه قيد للأخير ، ويمكن عوده لهما ، وإطلاقه يقضي بالطهارة مع الخلو ولو علم
بالمباشرة وان لم يغب عن العين ، وفي المعتبر والمنتهى أنه لو أكلت الهرة ميتة أو
فأرة ، ثم شربت لم ينجس الماء ، حكيا ذلك عن الشيخ ، بل في الذكرى سواء غابت عن
العين أو لم تغب ، قال في المنتهى في المقام : « يكره سؤر ما أكل الجيف من الطير
إذا خلا موضع الملاقاة من عين النجاسة » وهو قول السيد المرتضى ، ثم استدل
بالأخبار العامة في استعمال سؤر الطيور والسباع مع أنها لا تنفك عن تناول ذلك ،
إلى أن قال : « وهكذا سؤر الهرة وان أكلت الميتة ثم شربت ، قل الماء أو كثر ، غابت
عن العين أو لم تغب » ثم قال : « وعند الشافعية والحنابلة وجهان ، أحدهما مثل
قولنا ، والآخر إن لم تغب فالماء نجس ، وان غابت ثم عادت فوجهان ، أحدهما التنجيس
، استصحابا للنجاسة ، والثاني الطهارة ، لأصالة طهارة الماء ، ويمكن أن يكون قد
وردت في حال غيوبتها في ماء كثير » وظاهر كلامه أنه ليس لنا إلا وجه واحد وهو
الطهارة بزوال العين ، وفي الحدائق أنه المشهور بين الأصحاب ، لكن المنقول عنه في
النهاية أنه قوى الوجه الثاني من وجهي الشافعية ، وحكم بالنجاسة مع عدم
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢ ـ من أبواب الأسئار ـ حديث ١ و ٥.