ولا مفهوم يدفعه
ان المنافاة متحققة من غير حاجة الى مراعاة المفهوم ، بل يحكم بذلك وإن كان المقيد
لقبا ، نعم إن كان ذلك في العام والخاص متجه ، فإنه لا يحصل التنافي فيه إلا
باختلاف حكمي العام والخاص بالأمر والنهي ونحوه ، ولذا لا يحكم بالتخصيص في نحو
قوله أكرم الرجال أكرم زيدا ، بخلافه في المطلق والمقيد ، لاتحاد المأمور به في
الثاني ، دون الأول فتأمل جيدا.
هذا مع ما في
بعضها من الحصر ، كقوله عليهالسلام لا يجزي فيه إلا الماء ، ومفهوم الشرط في آخر ونحوهما ، بل
لا حاجة الى دعوى الإطلاق والتقييد ، بناء على ان الغسل حقيقة شرعية في استعمال
الماء ، كما ادعاه في الذكرى ، لكنه في غاية البعد ، كدعوى الحقيقة اللغوية ، لصدق
العرف على الغسل مثلا بماء الورد انه غسل حقيقة ، وعدم صحة السلب ، نعم يتجه أن
يقال : ان الغسل بالماء هو المتعارض الشائع المتبادر الى الذهن عند الأمر به ، كما
اعترف به الخصم ، كما ستسمع إن شاء الله ، بل قد يقال : انه في بعض المائعات لا
يعد الإزالة بها غسلا لغة وعرفا وشرعا ، والفرض أن دعوى المرتضى عامة في سائر
المائعات ، كما نقل الشيخ في الخلاف عنه ذلك ، ويقتضيه دليله ، على أن هذه
المطلقات في كثير من المقامات ما سيقت لبيان ما يغسل به ، والمطلق ليس حجة إلا
فيما سيق له.
وقد يستدل على
المطلوب أيضا بالإجماع على نجاسة سائر المائعات بملاقاة النجاسة ، فتنجس حينئذ
بملاقاتها للثوب ، ولم يثبت هنا كون الانفصال مثلا قاضيا بطهارة ما بقي منها على
الثوب ، والماء خرج بالإجماع ونحوه ، وبذلك كله اتضح صحة المختار ، فلا حاجة لأن
يؤيد بوقوع لفظ الماء في الكتاب العزيز في معرض الامتنان القاضي بأنه غير موجود في
غير الماء. وب قوله عليهالسلام[١] : « الماء يطهر ولا يطهر » وبأنه ان لم يرفع الحدث فلا
يرفع الخبث بطريق أولى ، إذ في الأول ما عرفت ، وفي الثاني أنه
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٣ و ٧.