المقدر بما إذا لم
يكن في البئر غير تلك النجاسة ، بل هو تقدير له من حيث نفسه وغيره يبقى على مقتضى
الدليل فيه.
فان قلت : بناء
على القول بان النزح للتطهير لا معنى للقول بعدم التداخل ، وذلك لأنه على تقديره
حيث ينزح لأحدهما دون الآخر يكون البئر طاهرا نجسا ، مثلا إذا وقع في البئر بول
وعذرة مذابة مثلا ، ثم نزح أربعون يكون قد طهر من هذه الجهة ، وهو نجس من الجهة
الثانية ، وهو غير معقول بالنسبة للطهارة والنجاسة ، ومن هنا التجأوا للقول
بالتداخل في سائر النجاسات على الثوب أو على البدن سواء تعدد الغسل لبعضها كالبول
أولا ، وأيضا لو كان وقوع النجاسة متعاقبا فلا ريب في عدم تأثير الثاني النجاسة ،
لكونه تحصيل حاصل وهو محال ، وإذا كان لم يؤثر نجاسة لا معنى لان ينزح له ، فان
معنى ما دل على وجوب النزح له ظاهر في كونه من جهة أنه ينجس البئر ، فلا يشمل مثل
ذلك. قلت : لا مانع من ارتفاع النجاسة من جهة دون أخرى ، كارتفاع الحدث من جهة
الجنابة مثلا دون المس ، وما ذكره في حال النجاسات على البدن ونحوه حالها حال ما
نحن فيه ، إلا أن يدل دليل على خلافه ، والظاهر تحققه فيها دونه ، وليس المقتضى
للقول بالتداخل فيها هو ما ذكره ، بل من جهة انهم فهموا من الأدلة هناك أن المراد
غسل النجاسة ، وأيضا بعد وقوع أنواع النجاسة يكون في الحقيقة المقدر لها مجموع
التقادير ، فتكون حينئذ كالنجاسة المتحدة التي لها مقدر ، فالطهارة لا تحصل إلا
بالتمام فلا يكون طاهرا من جهة نجسا من أخرى ، وأما ما ذكره أخيرا ففيه أنه نفي
للتداخل من رأس ، ويقين النزح للواقع أولا دون الأخير سواء كان المقدر له أولا أقل
أو أكثر أو مساو ، وقد عرفت أن الدليل شامل بإطلاقه للنزح المقدر سواء كان هناك شيء
آخر واقع قبله أولا.
فإن قلت : إذا
كانت النية غير معتبرة فحينئذ بما يتشخص النزح للمنزوح له حتى يقال أنه ترتفع
النجاسة من جهته ويبقى الآخر ، مثلا إذا وقع في البئر أرنب وثعلب