منه ، ولا خلاف بيننا في ان هذا البعض لو كان منفصلا من باقي ماء الكر
لحكمنا بنجاسته ، وإذا كان متصلا به لم نحكم بنجاسته.
وإذا كان هكذا
، فلا فرق حينئذ بين ان يكون الماء الذي ذكرناه انه نجس متصلا به ، وبين ان يكون
منفصلا عنه ثم يتصل ، في انه يجب ان لا يحكم له بنجاسته مع الاتصال بما ذكرناه.
فان قيل : أليس
الفرق بين ذلك : ان البعض الذي خالطته نجاسة وهو من جملة الكر ، لم نحكم له
بالنجاسة ، والمنفصل منه ، قد حكمنا بنجاسته ، فيجب ان يبقى على ما كان عليه مع
الاتصال بباقي الكر؟
قلنا : هذا ليس
بشيء ، لأنه لو وجب في هذا الماء ان يبقى على حكم النجاسة من حيث حكمنا بنجاسته
وإن اتصل بباقي ماء الكر ، لوجب في البعض الذي لاقته النجاسة ، وهو من جملة ماء
الكر ، ان يبقى على حكم الطهارة ، من حيث حكمنا بطهارته وان انفصل وتميز لنا
بالنجاسة من باقي ماء الكر ، وهذا لا يقوله منا احد.
فكما انا مع
الاتصال لا نحكم بنجاسته ، ومع الانفصال والتمييز بالنجاسة نحكم بنجاسته فكذلك ما
ذكرناه. على انه لو لم تكن الفائدة في ذلك ما ذكرناه ، لم يكن لقولهم (ع) : « إذا
بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا » [١] معنى يعول عليه.
وقد كان الشيخ
الإمام أبو جعفر : محمد بن الحسن الطوسي « ره » يذهب إلى نجاسة هذا الماء ، وربما
مال في بعض الأوقات إلى القول بطهارته [٢] لأنه كان يقول : القول بطهارته قوي ، لأن الفائدة في
قولهم (ع) : « إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا » ان لم يكن متى صار كرا لم يحكم
بنجاسته ، على الانفراد ، وكذلك البعضان إذا كانا نجسين ، وأحدهما منفصل من الأخر
، حتى إذا جمع بينهما
[١] المستدرك ج ١ ص
٢٧ ب ٩ أبواب الماء المطلق ح ٦ ( غير انه عن النبي (ص) ).